أيها الإخوان المسلمون هذه منزلتكم، فلا تصغروا في أنفسكم، فتقيسوا أنفسكم بغيركم، أو تسلكوا في دعوتكم سبيلا غير سبيل المؤمنين، أو توازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور الله ومنهاجها من سنة رسوله، بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات، وتذهب بها الحوادث والأيام
نحن نريد الفرد المسلم والبيت المسلم والشعب المسلم والحكومة المسلمة والدولة التي تقود الدول الإسلامية، وتضم شتات المسلمين، وتستعيد مجدهم، وترد عليهم أرضهم المفقودة وأوطانهم المسلوبة وبلادهم المغصوبة، ثم تحمل علم الجهاد ولواء الدعوة إلى الله، حتى تسعد العالم بتعاليم الإسلام
لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين وحقائق اليوم أحلام الأمس وأحلام اليوم حقائق الغد ولا زال في الوقت متسع
إن ميدان القول غير ميدان الخيال، وميدان العمل غير ميدان القول، وميدان الجهاد غير ميدان العمل، وميدان الجهاد الحق غير ميدان الجهاد الخاطئ
إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها
ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف، وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة
عدتنا هي عدة سلفنا من قبل، والسلاح الذي غزا به زعيمنا وقدوتنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته معه العالم، مع قلة العدد وقلة المورد وعظيم الجهد: هو السلاح الذي سنحمله لنغزو به العالم من جديد
أيها الإخوان المسلمون لقد دعوتم وجاهدتم، ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئيل أصواتا تهتف بزعامة رسول الله وهيمنة نظام القرآن، ووجوب النهوض للعمل، وتخليص الغاية لله، ودماء تسيل من شباب طاهر كريم في سبيل الله، ورغبة صادقة للشهادة في سبيل الله، وهذا نجاح فوق ما كنتم تنتظرون، فواصلوا جهودكم، واعملوا، (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (محمد:35)
أيها الإخوان الصادقون أركان بيعتنا عشر فأحفظوها: الفهم والإخلاص والعمل والجـهــاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخـوَّة والثقة
الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء
كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه، وإلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالإتباع، ولكنا لا نعرض للأشخاص ـ فيما اختلف فيه ـ بطعن أو تجريح، ونكلهم إلى نياتهم وقد أفضوا إلى ما قدموا
الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره، ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب
الإسلام يحرر العقل، ويحث على النظر في الكون، ويرفع قدر العلم والعلماء، ويرحب بالصالح والنافع من كل شيء، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها
منهج الإخوان الإصلاحي يرتكز على قواعد الإسلام وتعاليمه، وهم يريدون سيادة الفكرة الإسلامية وهيمنتها على كل مظهر من مظاهر حياة الأمة، مع الانتفاع بكل جديد لا يتنافى معها
أول واجباتنا نحن الإخوان أن نبين للناس حدود هذا الإسلام واضحة كاملة بينة لا زيادة فيها ولا نقص بها ولا لبس معها، وذلك هو الجزء النظري من فكرتنا، وأن نطالبهم بتحقيقها ونحملهم على إنفاذها ونأخذهم بالعمل بها، وذلك هو الجزء العملي لي هذه الفكرة
أيها المسلمون، عبادة ربكم، والجهاد في سبيل التمكين لدينكم، وإعزاز شريعتكم هي مهمتكم في الحياة، فإن أديتموها حق الأداء فأنتم الفائزون، وإن أديتم بعضها أو أهملتموها جميعًا فإليكم أسوق قول الله -تبارك وتعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ* فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ المؤمنون: 115-116
إن الأمة إذا رتعت في النعيم، وأنست بالترف، وغرقت في أعراض المادة، وافتتنت بزهرة الحياة الدنيا، ونسيت احتمال الشدائد ومنازعة الخطوب والمجاهدة في سبيل الحق، فقل على عزتها وآمالها العفاء
العالمية والقومية والاشتراكية والرأسمالية والبلشفية والحرب والسلام وتوزيع الثروة، والصلة بين المنتج والمستهلك، وما يمت بصلة قريبة أو بعيدة إلى هذه البحوث التي تشغل بال ساسة الأمم وفلاسفة الاجتماع، كل هذه نعتقد أن الإسلام خاض في لبها، ووضع للعالم النظم التي تكفل له الانتفاع بما فيها من محاسن، وتجنب ما تستتبعه من خطر وويلات
إن لكل أمة قانونًا يتحاكم إليه أبناؤها، وهذا القانون يجب أن يكون مستمدًا من أحكام الشريعة الإسلامية، مأخوذًا عن القرآن الكريم، متفقًا مع أصول الفقه الإسلامي
إن في كل أمة مظاهر من الحياة الاجتماعية تشرف عليها الحكومات، وينظمها القانون، وتحميها السلطات، فعلى كل أمة شرقية إسلامية أن تعمل على أن تكون كل هذه المظاهر مما يتفق وآداب الدين، ويساير تشريع الإسلام وأوامره
إن لكل أمة وشعب إسلامي سياسة في التعليم وتخريج الناشئة وبناء رجال المستقبل، الذين تتوقف عليهم حياة الأمة الجديدة، فيجب أن تبنى هذه السياسة على أصول حكيمة تضمن للناشئين مناعة دينية، وحصانة خلقية، ومعرفة بأحكام دينهم، واعتدادًا بمجده الغابر، وحضارته الواسعة
الإسلام عقيدة ثابتة تفترض على من يؤمنون بها أن يكونوا إخوة: في سبيلها تأتلف أرواحهم، وترتبط قلوبهم، وتتحد نفوسهم، وتفنى أنانيتهم في سبيل غايتهم ومعتقدهم؛ لأن الله -الذي أمرهم بالإيمان، ووفقهم إليه- قد اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة
إن الذين يظنون الإسلام يهدم الوطنيات مخطئون؛ لأنه يفترض على أبنائه حماية أرضهم، وإن الذين يظنون أن الإسلام عصبة خطيرة على العالم مخطئون؛ لأنه أخوة توحد بينهم وتسوى صفوفهم، وإن الذين أدركوا الإسلام حق الإدراك علموا أنه -بحق- صيانة للوطن ورحمة للعالمين
إن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد. وتلك نظرة يؤيدها الواقع، ويعززها الدليل والبرهان، بل هي محور تقدم الإنسانية وتدرجها مدارج الكمال