إعداد موقع الإمام حسن البنا
من الواضح أن حكام دول الغرب لا تريد لأي دولة إسلامية منافستها الريادة والزعامة، ولا تريد لهذه الشعوب معرفة حقيقة دينها الذي يفرض عليهم عدم الذل والاستعباد لأي أمة من الأمم، كما يفرض عليهم الجد والعمل والسعي وراء العلم للازدهار والتقدم.
ولذا كانت كتابات الإمام الشهيد حسن البنا تتميز بطابع الهجوم على هذه الدول الغربية الاستعمارية، ولم يقبل الإخوان بوقوع وطنهم أسيرًا في قبضة أمة أخرى، واعتبر أن من حقهم الدفاع عن حرياتهم والعمل على تحرير بلادهم من المغتصب الغربي.
إن الذي يقرأ رسائل الإمام البنا إلى زعماء الغرب يجد بوضوح لا لبس فيه أنه يحدد الموقف الإسلامي، وهو الحكم الشرعي من الدول الغربية المعتدية على بلاد المسلمين.
من المرشد العام إلى الرئيس ترومان
بعث فضيلة الأستاذ المرشد العام بالبرقية التالية إلى الرئيس "ترومان" بمناسبة اعتراف أمريكا بالدولة الصهيونية:
الرئيس ترومان.
واشنطن:
اعترافكم بالدولة الصهيونية إعلان حرب على العرب والعالم الإسلامي. وإن اتباعكم لهذه السياسة الخادعة الملتوية لهو انتهاك لميثاق هيئة الأمم والحقوق الطبيعية للإنسان وحق تقرير المصير، وستؤدى حتما إلى إثارة عداء دائم نحو الشعب الأمريكي، كما ستعرض مصالحه الاقتصادية للخطر وتودى بمكانته السياسية.
فنحملكم المسئولية أمام العالم والتاريخ والشعب الأمريكي.(1)
برقية الإخوان المسلمين إلى مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة برقية فضيلة المرشد العام إلى رئيس مجلس الأمن
حضرة رئيس مجلس الأمن
القاهرة الدامية، والشعب المصري الثائر يستنكر كل قرار ينتقص من حقه، ويرفض العودة إلى المفاوضات الثنائية، ويعلن سقوط معاهدة 1936م، ويهيب بمجلس الأمن أن يحافظ على صيانة الأمن المهدد فى الشرق.
حسن البنا - المرشد العام للإخوان المسلمين.(2)
شعب الوادي لا يسمح لأية دولة أجنبية أو هيئة دولية
أن تتدخل فى شئونه الداخلية
جناب رئيس مجلس الأمن- ليك سكس
مناورة حزبية
يستنكر شعب وادي النيل البرقية التى بعث بها إلى المجلس وإلى هيئة الأمم المتحدة رئيس حزب الوفد المصري ويراها مناورة حزبية لا أثر للحرص على الاعتبارات القومية فيها.
لا دخل لأحد فى شئوننا الداخلية
وسواء أكانت حكومة مصر ديموقراطية، أو ديكتاتورية، فإن الشعب المصري يعلن على الملأ أمام هيئة الأمم المتحدة أن ذلك أمر يعنيه وحدة ولن يسمح لأية دولة أجنبية أو هيئة دولية أن تتدخل فى أخص شئونه الداخلية فله وحده الحق فى أن يختار نوع الحكم الذي يريده طبقا لميثاق الأطلنطي، ومبادئ هيئة الأمم، وله وحده الحق فى أن يفرض على حكومته ما يريد وأن يؤاخذها على كل تقصير بما يراه.
الجلاء والوحدة
كما يعلن كذلك أن حقوقه الثابتة فى الجلاء التام عن مصره وسودانه والحرص الكامل على استقلاله أمر لا يقبل جدالاً ولا مساومة، وأن الوحدة الدائمة بين شماله وجنوبه حقيقة واقعة وضرورة لا محيص عنها ولا يحول بينها وبين الظهور على حقيقتها وروعتها إلا هذه الإدارة المتعالية التى فرضتها بريطانيا عليه بألا تراه والتي طلبت الحكومة المصرية فى عريضة دعواها إنهاءها، وأشارت إلى بطلان المعاهدة التى سجلتها بريطانيا، والتي لم يرض عنها الشعب المصري ولم يسلم بها يوما من الأيام.
الضمير العالمي
وأنتهز هذه الفرصة وأؤكد لأعضاء المجلس والهيئة أن شعب وادي النيل عظيم الأمل فى أن تنصفه المؤسسة الدولية الناشئة، أزيد بذلك اطمئنان الأمم والشعوب إليها وتضاعف ثقتهم بمبادئ العدالة الدولية ويقظة الضمير العالمي، وإنه لن يستقر سلام فى الشرق ولن تهدأ ثائرة شعوب العروبة وأمم الإسلام حتى ينال وادي النيل حقه كاملا، وليس إرضاء مجموعة من البشر قوامها أربعمائة مليون بالشيء الذي يستهين به الحريصون على الأمن والسلام.(3)
جلسة مجلس الأمن الثانية
حق وقوة
أيها التاريخ أين أنت؟
استمع أعضاء مجلس الأمن وأرهف العالم المترقب من ورائهم أذنه مرة ثانية ليستمع لما يقوله الخصمان المتنازعين بريطانيا ومصر ليستمع إلى كلمة الحق، تلقيها مصر واضحة صريحة قوية بعد أن حيل بينها وبين حقها أكثر من نصف قرن، وليسمع إلى كلمة المغالطة الجريئة التى لا تتستر بغير القوة تلقيها بريطانيا، غير عابئة بحق التاريخ ولا برعاية الحقيقة، ولا بعقول المستمعين من زعماء الأمم وملايين البشر.
أيها التاريخ، أين أنت؟
هل حق ما يدعى ممثل بريطانيا من أن احتلالها لمصر كان بدعوة منها، وأنها فى ظل هذا الاحتلال وجدت حريتها واستقلالها وتقدمها ورقيها، وأن عودة المصريين إلى السودان كان بفضل القوات البريطانية والضحايا من الجنود الإنجليز، وأن الأخوة السودانيين، وهم أشقاؤنا، وإخوتنا، وبنو عمومتنا، لا يريدون الوحدة معنا؟!
وإذا كان هذا هو الحق، فأين الباطل فى هذا الوجود؟
يا سير كادوجان، إن تلاميذ المدارس الابتدائية فى مصر وفى إنجلترا وفى كل بلد من بلاد العالم وفى كل كتب التاريخ يعلمون أن ما تقول أنت على رءوس الأشهاد فى مجلس الأمن غير صحيح، وأن احتلال الإنجليز لمصر أمر بيت بليل منذ سنوات طوال، واستدرجت إليه مصر بفعل الدسائس البريطانية، وأن ثلاثة وستين وعدا بالجلاء لا تزال قائمة، وأن مصر فى ظل هذا الاحتلال فقدت حريتها وكرامتها وثروتها ونهضتها، وأن القائد البريطاني "كتشنر" الذى كان على رأس القوات المصرية التى دخلت السودان كان يعلن أن مصر والسودان وطن واحد تحت حكم الخديوي، وكان يتصرف باسمه وحده، وأن السودانيين الأشقاء الأحبة لم يفكروا فى الانفصال عن مصر ولم يدر هذا بخلد هؤلاء المواطنين إلا هذا النفر الذى اصطنعته السياسة البريطانية وخدعته بباطل الآمال ومعسول الوعود.
وإذا كان جنوب السودان لا يدين بالإسلام ولا يتكلم اللغة العربية ولا يزال إلى اليوم وثنيا بربريا لم يتذوق طعم الحضارة ولم يدر ما الكتاب ولا الإيمان، فأنتم يا سير ألكسندر الذين تحملون هذا الوزر وتبوؤون بهذا الإثم، وأنتم الذين حجبتم عنه هذا النور وحجبتموه عن المدنية والحضارة؛ لتتخذوا منه حجة باطلة فى مثل هذا الموقف، فتركتموه فى هذه الظلمات ولو خليتم بين مصر وبينه هذا المدى الطويل من الزمان لعرفت كيف نغزوه ونكسبه ونعلمه ونهذبه ونخرجه من ظلمات الوثنية إلى نور الإيمان ومن لكنة العجمية إلى الفصاحة والبيان.
إن فجر الحقيقة قد لاح وأشعة النور بدأت تمتد وتظهر وستنقشع هذه السحب مهما حاولت بريطانيا أن تزيدها كثافة وتلبدا، وحينئذ يدرك الناس جميعا وقد أدرك الكثير منهم اليوم أن السير كادوجان كان مغالطا جريئا ولم يكن على حق فيما قال.
أما قانونية المعاهدة أو بطلان قانونيتها فلا يقدم ولا يؤخر فى الأمر شيئا، ولقد كان النقراشي باشا واضحا كل الوضوح محقا كل الأحقية فيما قال لأعضاء المجلس: إنه لم يرد أن يعتمد على الاعتبارات القانونية، لأنه يعتقد أن مهمة مجلس الأمن لا تقتصر على النظر القانوني إنما يتصل رسالة هذا المجلس بالمحافظة على الأمن الدولي والسهر على قيام علاقات المودة والصفاء بين الشعوب، وإنه كثيرا ما عكرت العبارات القانونية الأمن والسلام.
وبيان ذلك أن التطورات العنيفة التى تهز العالم هزا، وتغير النظم والأوضاع فى الأمم والشعوب، وتبدل المشاعر والعواطف والنفوس يجب ألا يتحكم فيها النصوص الرجعية البالية، ولا الاتفاقيات الجائرة الظالمة مهما كانت شكليتها القانونية مستوفاة، ولقد كان معاهدات الصلح بعد الحرب الماضية قانونية وقع عليها رجال مسئولون فى دولهم وأممهم وشعوبهم، ولكن تطور الحوادث والمشاعر جعلها غير صالحة للبقاء، وكان على الساسة أن يعيدوا فيها النظر وأن يجاروا هذا التطور الاجتماعي، وألا يحاولوا أن يقفوا فى وجهه ويرفعوا أما سلاح المواد الجامدة والألفاظ والنصوص التى لا روح فيها.
فلما تلكأ زعماء العالم وجمدوا تولت الأسنة والحراب القضاء.
على تلك المعاهدات والخروج على هذه النظم والأوضاع، وكانت الحرب، واختل الأمن وضاع السلام.
والأمة المصرية اليوم، وبعد هذه الحرب، وبعد أن تبين لها من أمر هذه المعاهدة ما تبين من أنها كانت خديعة بريطانية وقع فيها الزعماء المصريون مع ما صحبها من ضغط بريطانيا وضغط الظروف العالمية الدولية، ومن أنها طبقت تطبيقا جائرا ظالما، ومن أنها لم تكن إلا وسيلة لتثبت قدم الاحتلال البريطاني، والقضاء على الحرية، والاستقلال، ومن أنها صارت لا تطابق روح التطور العالمي ولا نصوص ميثاق الأمم المتحدة، بعد هذا كله، وبعد أن اكتمل الوعى القومي فى مصر، وبلغ الشعور الوطني ذروته، وأصبح وادى النيل من أقصاه إلى أقصاه لا يطيق بحال أن يصبر على احتلال القوات الأجنبية له أو تهديدها لأمته وحريته واستقلاله ووحدته.
لم يعد أمام بريطانيا أولا، وأمام مجلس الأمن ثانيا إلا أحد وجهين، إما إيثار صداقة وادي النيل واستبقاء العلاقات الطيبة بالعالمين العربي والإسلامي، وذلك بمناصرة قضية مصر والجلاء التام الناجز عن الوادي كله والتسليم بوحدته، وإما التشبث بهذه القانونية الرجعية الشكلية التى لا تغير من الحق والواقع شيئا فيكون الانفجار الذي أنذر به رئيس حكومة مصر لا عن حب للشغب أو حرص على الاصطدام، ولكن كما قال شاعرنا العربي من قبل:
إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا فلا رأى للمضطر إلا ركوبها
ولله عاقبة الأمور.(4)
الإخوان المسلمون وقضية الوادي أمام مجلس الأمن
مذكرة إلى سفراء ووزراء الدول الممثلة فى المجلس
جناب المحترم سفير ...........
بعد التحية: إن شعب وادي النيل يقدس السلام، ويحرص عليه، والإسلام الذي يظلل هذا الشعب شعاره السلام وتحية السلام، وقد نزل قرآنه فى موكب من السلام.
ولكن تقديسه لحريته، ووحدته، وحرصه عليهما أقوى وأشد، وهو غير مستعد بحال للتضحية بهما على مذبح المطامع والشهوات الاستعمارية التى لا يكن أن يستقر معهما سلام على الأرض.
ولهذا نرجو أن ترفعوا إلى دولتكم حقيقة هذا الشعور الذي تعلمونه بحكم وجودكم بين ظهراني هذا الشعب. رجاء أن تتصل بدورها بممثلها فى مجلس الأمن، وتوجهه التوجيه السليم حتى يكون صوته إلى جانب الحق والعدالة والإنصاف التى تتجلى بأوضح صورها فى مطالب شعب وادي النيل المعروضة على المجلس.
وهي ولا شك فرصة يمتحن فيها الضمير العالمي الذي نرجو ألا يرسب فى هذا الامتحان.
تفضلوا بقبول عظم الاحترام.(5)
أجانب ومصريون
أذاع رئيس الحكومة المصرية على مواطنيه بيانا مطولا يذكرهم فيه بما عرف عنهم من كرم الضيافة والإحسان إلى النزيل، ويذكر أن بعض الجرائد والمجلات الإفرنجية تناولت هذه المعاني، وأشارت إلى بعض حوادث تدل على تبرم الأجانب، وتخوفهم من أبناء الوطن الذي كان شعاره الدائم "أحرار فى بلادنا كرماء لضيوفنا".
ولا شك أن رئيس الحكومة المصرية إنما أراد بهذا أن يطمئن الأجانب، وأن يعاجل حملات هذه الصحف بالقضاء عليها فى مهدها، وأن يعلن على رءوس الأشهاد أن الحكومة المصرية والشعب المصري يعرفان واجبهما تمام المعرفة، ويقفان لكل فئة بالمرصاد.
وهذا كلام صحيح فى عرف الحجة والمنطق والإخلاص المتبادل. أما حين يكون مصدر هذه الحملة المغرضة, الهوى والغرض والاختلاق والكذب وانتحال الأباطيل وإثارة الخواطر، فنحن نؤكد لرئيس الحكومة أن بيانه رغم ما فيه من صدق العاطفة وكريم المجاملة لن يغنى شيئا، وستظل هذه الجرائد على خطتها، وسنسمع كل يوم بجديد من هذه الأكاذيب المفتراة، ولا يجدى حينئذ إلا أن نحتقر هذا الدس الوضيع حكومة وشعبا، ونمضى فى طريقنا إلى الأمام نصلح من شئوننا، ونجاهد فى سبيل حقنا، ونوحد كلمتنا، ونسوى صفنا، نغير من أنفسنا، ليغير الله ما بنا، ويومئذ فقط يعرف لنا هذه الجاليات جميلانا وتقر بمعروفنا.
ليست فى الدنيا جاليات أجنبية تتمتع فى أية أمة من الأمم بمثل ما تتمتع به الجاليات الأجنبية فى مصر من تقدير وإكرام بل إنها لتنال من خيرات هذا البلد وثمراته أضعاف أضعاف ما ينال الوطنيون، ولكنها سياسة مرسومة تتجدد كلما حاولت مصر أن تعمل لتحقيق مطالبها القومية أو تجاهد فى سبيل حريتها واستقلالها وتكون الإصبع الاستعمارية واليد الإنجليزية وراء ذلك كله.
تبدأ الخطة بإثارة الغبار حول فكرة الأقليات، وترتفع الأصوات من كل جانب أقباط ومسلمون، وظالمون ومظلومون، ومصر أمة واحدة لا تعرف هذا التفريق ولا تشعر به، حتى إذا انكشفت الدسيسة وحبطت الفتنة بفضل يقظة الأمة، واستمساكها بعرى الوحدة ثار الغبار من جديد، وارتفعت الأصوات من كل مكان أجانب ومصريون وكارهون وخائفون.
وليس شىء من ذلك إلا فى أدمغة الذين قالوه أو كتبوه أو صوروه أما هنا فى مصر فليس إلا الخلق الفاضل والتعاون الكامل.
وأذكر أن شفيق باشا ذكر فى حولياته أن الجاليات الأجنبية اضطربت اضطرابا عظيما حين بدت فى الأفق فكرة رفع الحماية عن مصر عقب الحرب الماضية، حتى إن الكثير منها استنجد بدوله وقنصلياته، واحتجت بعض الدول رسميا على الحكومة المصرية، وتقدمت بمذكرات إلى دار الحماية فى هذا المعنى وكان من أسبقها إلى هذا الاحتجاج فرنسا وإيطاليا فيما أذكر.
كما تجدد هذا القلق عندما أرادت مصر أن تدع غل الامتيازات الأجنبية، ونادى المغرضون بالويل والثبور وعظائم الأمور.
وها هى ذي الحماية قد رفعت والامتيازات قد ألغيت، فماذا حدث للأجانب فى مصر؟ وأي اعتداء وقع على أموالهم أو أرواحهم أو مصالحهم من المصريين؟
منذ عام تقريبا زارني بعض كبار الأجانب فى مصر، وأراد أن يشير من بعيد إلى أن نمو حركة الإخوان وانتشار فكرتهم قد أخذت فى نفوس كثير من عامة الشعب المصري نوعا من التعصب الدين ضد الأجانب، فقلت له يا صاحبي: إذ أردت أن تواجه الحقائق بعين مفتوحة وقول صريح فأنا مستعد لمسايرتك، أما إذا أردت مجرد الاتهام، وحاولت أن تعيش محجوباً بستار الوهم فلست معك. إن ما تزعمه من التعصب الديني وهم لا وجود له؟ فليس الإسلام فى جوهره دين تعصب أو عدوان، ولكنه دين تسامح عجيب وإنسانية عالية وعالمية تتسع لكل أبناء آدم على ظهر هذه الأرض مهما اختلفت عليهم آراؤهم وعقيدتهم بالبر والإحسان والعدل والرحمة، ولكن المسألة مسألة اقتصادية اجتماعية قبل كل شىء، فلقد دخل الأجانب هذه الديار وأهلها فى عدد قليل وفى حاجات محدودة وعلى أسلوب من الحياة جعلهم يرضون بالقليل. أما الآن وقد تضاعف عدد المصريين وحدهم حتى بلغ عشرين مليونا، وتغير أسلوبهم فى الحياة هذا التغير الذي كثرت فيه المطالب وتعددت فيه الحاجات وانقلبت الكماليات الماضية إلى ضروريات ملحة.
فلم يكن بد من أن ينظر المصريون إلى ما فى أيدي الأجانب من خيرات بلادهم غلاتها نظر الذي يريد أن ينال كما ينالون ويتمتع بها كما يتمتعون لا عن تعصب ديني كما تزعم أو فورة وطنية مجردة، ولكن عن ضرورة اقتصادية اجتماعية قبل كل شىء وذلك حقهم ولا شك لا ينكره عليهم إلا كل جاحد أو مكابر.
ومفتاح الإصلاح اليوم فى يد الأجانب لا فى المصريين، فالأجانب يستطيعون أنن يحسنوا معاملة الوطنيين فى الشركات وفى المصانع وفى المزارع الواسعة التى يملكونها، ويشعروهم أنهم لا يستأثرون دونهم بشيء ولا يرتفعون بأنفسهم عن أهل وطن آواهم وأغناهم ووجدوا فيه رزقهم رغدا من كل مكان، وحبذا لو أن رئيس الحكومة اتجه فى ندائه إلى الحكومات الأجنبية فأبان لها عن نصيب رعاياها فى مصر من خيرها وبرها وهو نصيب الأسد ثم اتجه إلى الجاليات الأجنبية فى مصر؛ لتتولى هى الرد على هؤلاء المغرضين الأفاكين.
وإذا كان دولته قد آثر أن يتجه إلى أمته، فإننا باسم هذه الأمة نأمل أن يبادر النزلاء الفضلاء فى مصر إلى إطفاء هذه الفتنة، وإحباط هذه الدسيسة والرد على تلك المفتريات، وبذلك يؤدون لمصر بعض حقها عليهم، ومن الجميل عرفان المعروف وتقدير الجميل.(6)
أيها المارشال بالبو
قل لنا غير هذا الكلام أو قل هذا الكلام لغيرنا
فنحن نعرف ما هنالك
استقبل الإخوان المسلمون المارشال بالبو لأول زيارته لمصر ببرقية احتجاج شديدة على طلينة طرابلس العربية المسلمة بالتجنس والهجرة وعلى فظائع الحكم الإيطالي فيها وشفعوها ببرقية إلى وزير الخارجية يطلبون إليه رفع هذا الاحتجاج رسميا بمناسبة زيارة المارشال وأرسلت صورة البرقيتين للجرائد المصورة، ولكنها جميعا حذرها ما حذر الرجال الرسميين من تأثير المجاملات الفارغة التى تستر حقائق القلوب والنفوس.
ما علينا من ذلك كله. هذا عمل يعتقد الإخوان المسلمون أنه أصغر وأضأل الواجبات على كل مسلم، وكانوا ينتظرون من الجماعات الإسلامية ومن الطبقات الإسلامية -بل ومن كل مسلم- أن يظهر ما يفيض به قلبه من الأسى والأسف والاحتجاج والألم من أعمال إيطاليا فى طرابلس، فحسب الإخوان أن يكونوا أول من بدأ بهذا ولعلهم آخر من عمله أيضا، وإنا لنقول للمارشال: لا يغرنكم ما ترى من هذه المظاهر، فإن هذه الأيدي التى ترفع لتحيتك، وهذه الأفواه التى تبتسم فى وجهك، وهذه الألسنة التى تجاملك باللفظ المعسول، وهذه القلوب التى تسترها تلك المظاهر- هذه كلها لا تنسى طرابلس العربية المسلمة ولا تنسى فظائع إيطاليا فى طرابلس، وتترقب تلك الساعة التى تستخلص فيها هذه القطعة من أرض الإسلام لترفرف عليه من جديد راية الإسلام. ﴿وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾[إبراهيم: 20].
أقول ما علينا من هذا كله. ولكن المارشال بالبو أراد أن يرد بطريق غير مباشر على برقية الإخوان المسلمين، فأخذ فى خطبة له يعدد مآثر إيطاليا فى طرابلس، ويعتبر الجنسية الإيطالية تشريفا لقوم شرفهم الله من قبل بشرف الإسلام والانتساب إلى القرآن وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، ويعتبر أن رضا رجال الدين وزعمائه فى لوبيا بتناول ورقات الجنسية الإيطالية ورضا اللوبيين بالتجنيد فى الكتاتيب الإيطالية دليلا حيا على حسنات إيطاليا فى طرابلس، ثم يتغنى بالإصلاحات الزراعية ويعتذر عن سلب أرض الجبل الأخضر واغتصاب أخصب بقاع القطر المسلم العربي بأنها قد دفعت عنها تعويضات عظيمة.
يا مارشال بالبو: قل لنا غير هذا الكلام أو قل هذا الكلام لغيرنا فنحن نعرف ما هنالك.
فإما جنسيتكم الإيطالية فليست منة على قوم مسلمين، وما أروع آية القرآن فى هذا: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَىَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ﴾[الشعراء: 22]. والذي تسميه أنت صحيفة جنسية أسميه أنا ويسميه كل مسلم "صك عبودية"، فاعتبر هذا وتعرفه جيدا ولا تغالط فيه. وأما رضا رجال الدين وزعمائه ومن وصفتهم فى ذلك بأضخم الألقاب، ورضا الشعب الطرابلسي بالتجنيد وإبلاؤه معكم أحسن البلاء. فبضميرك يا رجل هل أبقيتم فى طرابلس رجلا ذا دين؟ وهل تركتم فيها زعيما لدنيا أو آخرة؟ وهل تركتم ساعة من نهار لبقايا السيوف والنيران ومن تعذر عليهم الهجرة من هذا الجحيم أن يختاروا لأنفسهم شيئا؟ يا مريشال بالبو: تستطيع أن تعمل فى طرابلس ما تشاء لأن القبوة لكم فيها الآن، ولكن لا تستطيع أبدا أبدا مهما حاولتم من دعايات أن تقنعوا أبسط المسلمين بأنكم فيها عادلون منصفون- وإن تظاهر بعض النفعيين بتصديقكم وإن أمن بعض الجبناء على كلامهم.
يا مريشال بالبو: يؤسفنا أن تزورنا فلا تستطيع الأسئلة الرسمية أن تنطق معك بالحق وأن تجلى لك الصورة الصادقة من شعور الأمة المصرية، ولكنا نأمل أن تتاح ظروف أفضل وساعات أحسن ينال فيها كل ذي حق حقه، ولا نكتب هذه الكلمة ردا عليك فلا قيمة للكلام، ولكنا نريد أن نقول لك بها فقط لسنا مصدقين.(7)
حضرة صاحب الفخامة رئيس الحكومة الفرنسية
بعد التحية: نتقدم إلى فخامتكم باسم المركز العام للإخوان رجاء أن تأمروا بالإفراج عن المجاهد الكبير السيد محمد بن عبد الكريم، حيث أن الحكومة الفرنسية قد أفرجت عن كل المعتقلين فى المغرب وأظهرت استعدادها لاتخاذ سياسة التفاهم والتقرب من البلاد العربية. ولا شك أن الإفراج عن هذا الزعيم الكبير مما يعزز هذه السياسة ويقدم عربونا على صدقها، ويرضى شعور العالم العربي والإسلامي، ولنا كبير الأمل أن تستجيبوا لرجائنا هذا.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.(8)
مذكرة من المركز العام
جناب وزير أسبانيا المفوض بمصر.
تحية واحتراما. وبعد:
ففي الوقت الذي تقرر فيه حقوق الشعوب التى تجاهد فى سبيل استقلالها وحريتها، يفاجأ العالم العربي والإسلامي بموقف أسبانيا الجائر وأساليبها الرجعية من الحركة الوطنية فى مراكش العربية.
وفى الوقت الذي تدعى فيه أسبانيا صداقة العالم العربي تبرهن على حسن نيتها هذه باعتقال الزعماء وقتل الشباب والرجال.
والإخوان المسلمون إذ يقدمون هذه المذكرة احتجاجا على موقف حكومتكم الرجعى من حركة مراكش الوطنية، يعلنون أن العالم العربي والإسلامي متضامن مع إخوانهم أبناء المغرب فى حركتهم التحريرية ضد كل استعمار أجنبي حتى يحققون أهدافهم الوطنية الغالية.
وفى انتظار تبليغ هذه المذكرة لحكومتكم فى مدريد.
تفضلوا بقبول الاحترام.(9)
ألبانيا
حضرة صاحب السعادة وزير اليونان المفوض.
بعد التحية والاحترام
يتقدم الإخوان المسلمون -وهم يعبرون عن الرأي العام الإسلامي- بالاحتجاج الشديد على طلب اليونان ضم جنوب ألبانيا بلا حق أو دليل.
فقد تواترت الأنباء معلنة أن اليونان تقدمت إلى مؤتمر وزراء خارجية الدول الكبرى مطالبة بهذه البلاد الألبانية الأصيلة التى يسكنها شعب ألباني خالص.
وكنا نعتقد أن اليونان التى حاربت للدفاع عن حريتها، وذاقت آلام التمزيق، وعانت مصاعب الاحتلال، وقاست أهوال المطامع وجشع الجيران، تربأ بنفسها عن هذا الظلم وتترفع عن هذا الطمع؛ لأنها الدولة التى تقول إنها حاربت وتألمت وتحملت فى سبيل الديموقراطية؛ ولأنها وقعت على ميثاق الأطلنطي الذي يقرر حرية تقرير المصير ويقطع الطريق على اعتداء الجار على الجار.
يا صاحب السعادة: إن المباحث الجيولوجية والحقائق الجغرافية تظهر بطلان هذا الادعاء وإليكم ما قاله الدكتور "مارتن أوريان" فى كتابه "التشكيلات الاجتماعية فى جنوب ألبانيا": "إن جنوب ألبانيا هو الأرض التى ترويها أنهار مشكومينى وكايفولى وأرسون وبسترنسا وبافلا، وتشتمل هذه المساحة على مديريات البسان – يراث فالونا- كورنزا- أرجيروا كاسترو". أما من وجهة النظر العنصرية، فهذه لو حققت ونظرت بمنظار العدل لكانت نتيجتها مضادة لأطماع اليونان، فلألبانيا ثمانون ألفا من الألبانيين المسلمين فى مقاطعة يانينا، وليس لليونان إلا نسبة ضئيلة لا تذكر فى جنوب ألبانيا الذي يوجد فيه 90% من السكان ألبانيين، والبقية ولا يزيدون عن 10% خليط من رعاة العرب والبلغار واليونان.
وإذا ادعت اليونان أن ضم هذه البلاد تقتضيه ضرورات عسكرية، فإن الأدلة قامت على عكس ذلك، فتخطيط الحدود أثبت عكس ذلك، وجبال الجراموس الموازية للحدود وقفت سدا منيعا لحماية اليونان، وقد تمكن بفضلها الجيش اليوناني الصغير من هزيمة الإيطاليين شر هزيمة.
بقي أن اليونان تدعى أن سكان هذه البلاد أرثوذكس، وهذه حجة خطيرة أولى لليونان ألا تثيرها؛ لأن فيها من الأقليات المسلمة ما يصح أن تطالب بتبعته أى دولة إسلامية، وهذا كلام قديم لا يصح أن يثار فى هذا العصر الذي كفلت فيه حرية الأديان، وإلا لصح أن تطالب ألبانيا بمقاطعة يانيتا فى اليونان والبوسنة والهرسك فى يوغسلافيا. إن حماية الأقليات الدينية فى الدول المجاورة حجة باطلة وفكرة خبيثة شريرة لا تتمشى مع روح هذا العصر التى تحققت فيه الحريات الدينية.
إن اليونان لها من الروابط بالبلاد الإسلامية والعربية ما جعلها تحظى بالعطف فى أيام محنتها، فقد فتحت لها أذرع العطف والرعاية وتدفق اللاجئون فلم يشعروا أنهم أغراب بل عوملوا بالمحبة والاحترام، ووجدت الحكومة اليونانية نفسها فى بلاد صديقة أحسنت ضيافتها وقدمت لها كل أنواع المساعدات.
فلعل اليونان لا تقطع هذه الصلات ولا تضحى بهذه العواطف؛ لأن الاعتداء على استقلال ألبانيا واغتيال شبر واحد من أراضيها سيشعر العالم الإسلامي بالمرارة والأسف، ويدفعه إلى اتخاذ كل ما يكفل السلامة لهذه الشقيقة الصغيرة الباسلة.
وإن ألبانيا ستدافع عن حقها بكل وسيلة يؤيدها الحق وتسندها مجموعة الشعوب الإسلامية وحكوماتها.
وأملنا أن تسحب اليونان هذا المطلب الظالم الذي لا يؤيده دليل أو يقويه حق.
وفى انتظار رفع هذا الاحتجاج لحكومتكم الموقرة نقدم لكم وافر الشكر والاحترام.(10)
من الإخوان المسلمين إلى سعادة وزير فرنسا
سعادة وزير فرنسا المفوض بالقاهرة .. بعد التحية.
أمام المعاملة الحسنة التى لقيها سماحة السيد محمد أمين الحسيني مفتي القدس وزعيم فلسطين من فخامة ممثل الحكومة الفرنسية بلبنان، لا يسع هيئة الإخوان المسلمين إلا أن يرفعوا شكرهم إليكم رجاء إبلاغه إلى حكومتكم الموقرة. وهم يرجون أن تطلق للضيف الكبير حريته كاملة فى التنقل والحديث واللقاء وغير ذلك، ويرجون كذلك أن تعلم الحكومة الفرنسية أن سماحة المفتي لما له من صفة إسلامية ومن حب وتقدير فى نفس كل عربي ومسلم ليس لاجئًا سياسيًا فقط، بل هو وديعة العالم الإسلامي بين يديها، وكل إحسان فى معاملته إحسان إلى المسلمين قاطبة.
وبهذه المناسبة ولأن هذا التاريخ يوافق ذكرى وعد بلفور الجائر، ورعاية لما بذل العرب من وفاء وتفان فى الحرب العظمى إلى جانب الجنود الفرنسية والبريطانية معًا، ولأن فرنسا التى ذاقت آلام الظلم ونادت بالحرية وأعلنت حقوق الإنسان، ولأن حق العرب طبيعي فى استقلالهم التام بوطنهم المقدس، لذلك كله يرجون أن تتدخل الحكومة الفرنسية فتنبه حليفتها إنجلترا إلى واجب العدالة والإنصاف، ورفع الحيف عن المجاهدين الأحرار، والبلاد الفلسطينية المقدسة.
وتفضلوا بقبول احترامنا.(11)
موقف فرنسا من سماحة مفتي فلسطين الأكبر
أرسل صاحب الفضيلة الأستاذ المرشد العام للإخوان المسلمين إلى صاحب السعادة وزير فرنسا المفوض فى مصر الخطاب الآتي:
القاهرة فى 18 ربيع الثاني 1357.
حضرة صاحب السعادة سفير فرنسا فى مصر الأكرم تحية واحتراما.
وبعد: فالرجا أن تتكرموا بإبلاغ حكومتكم الموقرة أن المركز العام لجمعية الإخوان المسلمين فى القطر المصري قد تلقى بمزيد الارتياح فحوى البيانات التى أدلى بها جناب المسيو "روبر دوكة" ممثل فرنسا أمام لجنة الانتدابات الدائمة فى عصبة الأمم فى جلستها الأخيرة ردا على الحملة البريطانية المدبرة ضد عرب فلسطين، وبصورة خاصة ضد حضرة صاحب السماحة السيد محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين الأكبر ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى ورئيس اللجنة العربية العليا. ولقد تقبل الرأي العام الإسلامي والعربي هذه البيانات بالتقدير والارتياح لما اشتملت عليه من الدفاع عن الحق ودحض الأباطيل والتهم البريطانية والصهيونية التى وجهت إلى سماحته:
فباسم المسلمين فى مصر نشكر حكومتكم الموقرة على موقفها الشريف، ونرجو أن يظل سماحة المفتي الأكبر السيد محمد أمين الحسيني يلقى من كرم الضيافة لدى السلطات الفرنسية واللبنانية ما هو جدير بالتقاليد الفرنسية الحرة، وما هو جدير بمقام شخصية إسلامية عظيمة كسماحته تتمتع بعظيم الاحترام والتوقير فى العالمين العربي والإسلامي.
وتفضلوا يا صاحب السعادة بقبول خالص الاحترام.(12)
احتجاج شديد
على حوادث فلسطين الأخيرة
أرسل صاحب الفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين البرقية التالية إلى فخامة المندوب السامي ووكالة فلسطين والدفاع - القدس:
جمعية الإخوان المسلمين وفروعها بمصر تنظر باستفظاع وغضب شديدين إلى هذه المجازر التى يقترفها مجرمو اليهود فى إخواننا عرب فلسطين الأبرياء بتوالي الاعتداءات المسلحة عليهم بحماية السلطات البريطانية التى تعتبرها المسئولة الوحيدة عن هذه الفظائع بسبب تسليحها لليهود وتسامحها معهم، فى الوقت الذي علقت فيه على المشانق عشرات العرب لأتفه الأسباب، فالمسلمون الذين استفزتهم جرائم اليهود المنكرة يطلبون منكم صيانة أرواح إخوانهم عرب فلسطين، أو أن تعلن بريطانيا عجزها عن ذلك ليقوموا هم بحماية إخوانهم المهددين.(13)
صورة المذكرة التى قدمت للسفير البريطاني
بشأن فلسطين ومفتيها الأكبر
سعادة السفير البريطاني بمصر:
إن الإخوان المسلمين الذين يؤمنون بأن قضية فلسطين هى قضية الإسلام والعروبة ليعجبون من التناقض فى تصريحات وزير المستعمرات البريطانية، إذ بينما يصرح فى جلسة مجلس العموم فى 7- 12- 1938 بأمر الحكومة البريطانية فى اختيار ممثلي عرب فلسطين، يصرح فى جلسة 14- 12- 1938 بأنه مصرُّ على عدم توجيه الدعوة لسماحة المفتي.. وليس من شك أن هذا تدخل صريح يرمى إلى الحيلولة بين زعيم فلسطين الأوحد وبين حضور المؤتمر الذي سيتناول قضية القطر الشقيق المجاهد.
لقد استفتت الحكومة البريطانية الشعب الفلسطيني فى هذا الشأن تحت سيف الأحكام العسكرية، فكانت نتيجة الاستفتاء أن أعلن العرب -مسلمين ومسيحيين- أنهم يضعون ثقتهم التامة فى سماحة زعيمهم المفتي الأكبر.. ولن يتنازل المسلمون عامة وأبناء فلسطين خاصة عن ذلك الرأي الذي اتفق عليه إجماعهم.
إن هذا الموقف الشاذ الذي يقفه وزير المستعمرات إلى جانب المواقف التى وقفها من قبل متحيزا للصهيونية، ومتحاملا على العرب، ومناوئا لمطالبهم العادلة المشروعة، ليثير مخاوف الإخوان المسلمين ويحملهم على المطالبة بعدم تولية أعمال مؤتمر فلسطين وإسناد رئاسته إلى المستر "شمبرلن" ليعمل على حل هذه القضية بما يقتضيه العدل والإنصاف.
إن عرب فلسطين قد سطروا جدارتهم للحرية الكاملة لا بحقوقهم المشروعة فحسب، ولكن بدماء زكية أراقها شهداؤهم وأرواح طاهرة بذلها شبابهم.. إن هذا الشباب الأبي قد أعلن كلمته فى حزم وقوة، ولن يثنيه عن تنفيذ إرادته عسف أو اضطهاد أو تنكيل..
والإخوان المسلمون يقفون فى المحنة القاسية التى تجتازها فلسطين إلى جانب إخوانهم عرب القطر المجاهد، فإن أنصفتهم الحكومة البريطانية فذاك، وإلا فسيبذلون أرواحهم وأموالهم فى سبيل بقاء كل شبر من فلسطين إسلاميا عربيا حتى يرث الأرض ومن عليها...
ونرجو أن ترفعوا هذه المذكرة لحكومتكم.(14)
من فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين
إلى سعادة السفير البريطاني
سعادة السفير البريطاني بمصر:
بمناسبة صدور الكتاب الأبيض عن فلسطين ألفت نظر سعادتكم إلى هذه الحقائق راجيا رفعها باسم الإخوان المسلمين إلى حكومتكم:
أولا- إن هذا الكتاب يقضى على آمال العرب والمسلمين ولا يحقق شيئا من أمانيهم، وهو خداع مكشوف ظاهر ولعبة سياسية سخيفة ما كان ينتظر أن تصدر عن السياسة الإنجليزية المعروفة بعمقها ودقتها.
ثانيا- إن إنجلترا بهذه السياسة الملتوية المترددة قد قضت على كل أمل فى صداقة العرب والمسلمين لها، وعلى كل ما كان لها من ثقة فى نفوسهم.
ثالثا- إنه لم يخف علينا ولا على كثير من العارفين بحقائق الأمور أن الحكومة البريطانية قد تقهقرت بغير انتظام فى كثير من النقاط التى سلمت بها ووعدت بتحقيقها فى مؤتمر لندن وفى محادثات القاهرة، ولكنها أمام الدعايات الصهيونية والتهديدات الأمريكية قد فرطت فى الشرف البريطاني كما فرطت فيه من قبل أمام وعود الملك حسين- مكماهون...
رابعا- إن الشعوب الإسلامية إذا انفجر غضبها وأعلنت خصومتها لإنجلترا فلن تكون هى الملومة فى ذلك. ولكن السياسة الإنجليزية هى التى ستدفعها إلى هذه الخطة دفعا... ومن الهراء الذي لا قيمة له أن تنسب ثورتها وخصومتها إلى الدعايات الأجنبية والتأثير الأجنبي وغير ذلك من الأكاذيب، فلعل الحكومة البريطانية هى أعرف من غيرها بما بين المسلم وأخيه المسلم من روابط العقيدة والروح والصلة فى كل حال، ذلك إلى صلة الجوار واللغة والمصالح المشتركة التى تجعل فلسطين ومصر وطنا واحدا فى الحقيقة.
لهذا فنحن نرفض هذه المقترحات الجائرة، ونحتج عليها بكل شدة، ونعلن تضامننا التام مع إخواننا الفلسطينيين فى جهادهم حتى ينالوا حقهم تضامنا كاملا غير منقوص.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.(15)
حضرة صاحب السعادة السفير البريطاني بمصر
بعد التحية: أحب أن أحيط سعادتكم علما بأن حملة وزير المستعمرات بالحكومة البريطانية فى مجلس العموم على سماحة المفتي الأكبر يعتبرها الإخوان المسلمون -وهم فى هذا يعبرون عن شعور العالم الإسلامي كله- حملة جائرة ظالمة ليس فيها شىء من الحقيقة.
إن سماحة المفتي الأكبر -وهو زعيم فلسطين المجاهد- لم يفعل إلا ما يفعله كل وطني غيور مؤمن بحق بلاده ووطنه فى الحرية والاستقلال، بل مؤمن بأن بريطانيا مدينة لهذه البلاد بالذات بحكم وعودها الكثيرة بهذه الحرية كاملة غير منقوصة، وهو فى كل مواقفه إنما يقوم بالواجب المفروض عليه لأمته وبلاده ودينه، والعالم الإسلامي كله يشكر له جهاده ويعجب بمواقفه هذه المشرفة. وإن منعه من دخول بلاده ظلم وإجحاف لا يرضى به عربي ولا مسلم واحد. نحب أن تعلم الحكومة البريطانية -إن لم تكن تعلم- أن سماحة المفتي الأكبر فضلا عن أنه زعيم بلاده غير مدافع، فهو كذلك من أكبر الشخصيات الإسلامية المحفوفة بمحبة المسلمين وتوقيرهم وإجلالهم فى العالم كله لا فى فلسطين وحدها، فموقف العداء منه عداء من إنجلترا لكافة المسلمين وتحديها لسماحته تحد صريح للعالم الإسلامي لا يمكن معه أن تتحسن العلائق بين بريطانيا والشعوب المسلمة: فنحن نحتج على ما جاء فى حديث وزير المستعمرات ضد سماحة المفتي الأكبر من أخطاء، ونحتج على تقرير منع سماحته من دخول فلسطين، ونطلب من الحكومة البريطانية أن تعدل موقفها من الزعيم المجاهد وصحبه الأخيار ومن عرب فلسطين، فاتباع الحق أولى من الجري وراء الأباطيل.
وتفضلوا بقبول احترامي.(16)
إلى السفير البريطاني
فخامة السفير البريطاني بالقاهرة:
صار من الحقائق المقررة التى لا تقبل الجدل ولا الشك أن الثورة العربية فى فلسطين هى وحي الشعور الوطني المتقد فى صدر كل عربي فى فلسطين، ونتيجة لتمسك العرب البواسل بحقوقهم الوطنية التى أيدها التاريخ، وأقرتهم عليها الحكومة البريطانية، وأكدتها لهم وعودها الكثيرة المتكررة.
وأن هذه الثورة بريئة كل البراءة، بعيدة كل البعد عن أن تكون صدى لدعاية أجنبية أو متصلة أقل اتصال بأية دولة تعادى الدولة البريطانية، وقد أثبتت الحوادث صدق ذلك وأكده سماحة المفتي الأكبر زعيم فلسطين السيد محمد أمين الحسيني فى خطابه للمندوب السامي، وأيده بيان المجاهدين النبلاء أنهم لن يكونوا طعنة فى ظهر بريطانيا.
وأن القضية الفلسطينية ليست قضية عرب فلسطين وحدهم، ولكنها فى الحقيقة قضية كل مسلم وكل عربي على وجه الأرض، وقد تجلى ذلك فى تأييد كل المسلمين والعرب لها ومطالبتهم فى كل المناسبات والمؤتمرات بحلها. ومهما كانت الحوادث كابتة لهذا الشعور فإنها لا تميته، ولكنها تزكيه وتزيده شدة واشتعالا، ليظهر فى الوقت المناسب أقوى مما يظن الناس.
ولهذا كان أفضل عمل تثبت به بريطانيا حسن نيتها تجاه الشعوب الإسلامية وتؤكد به صداقتها لهم ومحالفتها معهم: أن تبادر بحل هذه القضية حلا يحقق آمال المسلمين والعرب وذلك بما يأتى:
1- إيقاف الهجرة اليهودية القانونية إيقافا وأخذ المهربين بأقصى شدة. وقد اعترف وزير المستعمرات بما يبذل من جهود فى سبيل تدفق اليهود على فلسطين، ولا يجهل المسلمون والعرب معنى هذا التدفق وأن المقصود به غمر البلاد بهذا الطوفان الوبيئ، حتى تصير الأغلبية يهودية فيصبح لليهود بذلك السلطان، وهو مالا يرضى به مسلم واحد.
2- العفو الشامل عن كل المعتقلين والمبعدين والمجاهدين والسماح بالعودة للمهاجرين؛ وفى مقدمتهم: سماحة الزعيم الأوحد المفتي الأكبر الحاج "محمد أمين الحسيني"، ولن يرضى أى مهاجر أن يعود إلى الوطن إلا إذا أعطى هذا الحق لسماحة المفتي الزعيم.
3- إظهار عطف الحكومة الفلسطينية على أسر المجاهدين؛ بمنحهم الإعانات والتسهيلات التى تعوض عليهم بعض ما فقدوا من أرواح وأموال، وتضمن لهم الراحة فى معيشتهم وظروف حياتهم.
4- الاعتراف باستقلال فلسطين عربية مسلمة والتعاقد معها تعاقدا شريفا على نحو ما حدث بين بريطانيا والعراق ومصر مثلا.
يرجو الإخوان المسلمون أن ترفعوا هذه الملاحظات إلى حكومتكم البريطانية، وأن تؤكدوا لها أن مصر والعراق والهند -بل كل بقعة فيها مسلم أو عربي- ترقب هذا الحل بفارغ الصبر، وأن بريطانيا حين تفعل ذلك تقدم للعالمين الإسلامي والعربي -بل للعام كله- البرهان العملي على أنها إنما تحارب فى سبيل العدل والإنصاف، وتسد بذلك فى وجه خصومها بابا فسيحا للطعن عليها والتشهير بها. وبهذه الحلول وحدها يعود السلام إلى أرض السلام.(17)
احتجاج الإخوان المسلمين
جناب المحترم وزير أمريكا المفوض بمصر:
لقد كان لتصريح الحزب الجمهوري والديمقراطي بأمريكا الذي أذاعته الصحف حديثا حول فلسطين، وتشجيع فكرة الوطن القومي للصهيونية دون قيد ولا شرط، وفتح باب الهجرة لليهود على مصراعيه - رنة أسى واستنكار، وصدى استياء وارتياع فى جميع أرجاء العالم العربي والإسلامي. ولا عجب، فإن قضية فلسطين ليست قضية أهلها وحدهم، وإنما هى قضية مصر والعرب والإسلام، بل قضية عقيدة تهوى إليها النفوس، وتزهق لها الأرواح، وهي كذلك قضية إنسانية تقوم على دعائم الحق والعدل، وتهتز لها مشاعر الإنسانية وتثور أحاسيسها.
وسواء أكانت هذه التصريحات صيحات انتخابية عارضة أم مقاصد حقيقية مدبرة، فإننا -نحن الإخوان المسلمين- باسم الشعب المصري والشعوب الإسلامية لنرفع عقائرنا محتجين على هذا التصريح المشئوم الذي تنادى به أمريكا اليوم متحدية به شعور أربعمائة مليون مسلم، ومتخطية ميثاق الأطلنطي وما ينطوي عليه من وعود وعهود وآمال وأحلام.
وإن استهلالا كهذا الاستهلال من دولة تفتتح عهدا جديدا لتوطيد صداقة بينها وبين دول الشرق، لنذير لصداقة لا تلبث أن تموت قبل أن تولد، وهي موءودة لا شك إن ولدت.
إننا لا نريد هنا أن نعالج هذه القضية، فلعل الأمريكيين لا يجهلونها، ولعل أرض فلسطين التى لا تزال رطبة بدم الشهداء العرب أصدع رد على أن مثل هذه الحلول التى تنادى بها أمريكا ليست حلولا، وإنما هى تعقيد واستفزاز وخلق لمشاكل جديدة لا يعلم إلا الله عاقبتها ومنتهاها.
وبعد: فعلى الحكومة الأمريكية أن تعدل خطتها، وتكشف عن سياستها، وتستقيم مع منطقها الذي طالما تهتف به، ومنطق الحوادث والمصالح الذي يصرخ فى آذانها ويدوى فى كل حين أن فلسطين للعرب وأن العرب لفلسطين.
ونرجو أن ترفعوا هذه المذكرة لحكومة واشنطن، وتفضلوا سعادتكم بقبول فائق الاحترام.(18)
سماحة مفتي فلسطين الأكبر
حضرة صاحب السعادة السفير البريطاني بالقاهرة:
جزع الإخوان المسلمون والعرب والمسلمون قاطبة من تجدد المطالبة بتسليم زعيم فلسطين الأوحد ومفتيها الأكبر صاحب السماحة السيد محمد أمين الحسيني، ولن تنتج هذه المطالبة سوى إثارة شعور العرب والمسلمين فى العالم واكتساب عدوانهم وزيادة تعقيد المشاكل الكثيرة التى بينكم وبينهم. فنرجو أن تنصحوا لحكومتكم بأن تسلك سبيل الرشاد، فتفسح صدرها لسماحته، وتكف الأذى عنه، وتسمح له بحقه الطبيعي فى العودة إلى فلسطين أو تسهل له الإقامة فى أحد الأقطار العربية، وبذلك تكسب صداقة العرب الحقيقية وشكرهم الصميم.
2 أبريل سنة 1946
حضرة صاحب السعادة وزير أمريكا المفوض بمصر:
علمنا بالأسف الشديد أن حكومتكم قدمت مذكرة لفرنسا تؤيد بها بريطانيا فى مطالبتها تسليم حضرة صاحبة السماحة السيد محمد أمين الحسيني زعيم فلسطين ومفتيها الأعظم، فدهشنا لموقف حكومتكم الغريب من العرب والمسلمين ومناهضتها لعظيم من عظمائهم وزعيم من زعمائهم الدينيين إرضاء لشهوات اليهود الصهيونيين.
إن من العار أن تبنى دولة عظيمة كدولتكم سياستها على شهوات فئة باغية كل همها إيقاد نار العداوة والبغضاء بين الدول والشعوب.
ونحن باسم الإخوان المسلمين ومن ورائهم كافة العرب والمسلمين فى مختلف أقطارهم نحذر حكومتكم من الاسترسال فى هذه السياسة الصهيونية الجائرة، فإنها وحدها هى التى تضمن لكم أن تخسروا معركة السلم فى العالم العربي والإسلامي كله بعدما كسبتم معركة الحرب بصورة حاسمة، وإذا خسرتم صداقة العرب والمسلمين فلن تجدوا عوضا عنها عند اليهود والصهيونيين.
لذلك نرجوكم أن تطلعوا حكومتكم وفخامة رئيس جمهوريتكم على حقيقة الموقف فى البلاد العربية والإسلامية، وتكاشفوها بالمنزلة الرفيعة التى يحتلها سماحة المفتي الأعظم من قلوب أبناء العروبة والإسلام قاطبة، وتبينوا لهما جسامة الخسارة التى تصاب بها دولتكم ومصالحها فى الشرق من جراء إعلانها عداوتها للعرب والمسلمين بمناهضتها للمفتي الأعظم. كما نرجو أن تؤكدوا لحكومتكم استعدادنا لبذل دمائنا فى سبيل إنقاذ رجالاتنا متى لزم الأمر.
وإذا أرادت حكومتكم أن تسلك سبيل الرشاد، فعليها أن تعمل لإعادة سماحة المفتي الأعظم حالا لفلسطين أو لبلد من بلاده العربية، فذاك أكرم لها وأدعى لبقاء حسن الصلات بيننا وبينها.(19)
الإخوان المسلمون
يؤيدون عرب فلسطين فى موقفهم اليوم
أرسل المركز العام للإخوان المسلمين البرقيتين الآتيتين لمناسبة إضراب فلسطين اليوم:
نائب الهيئة العربية العليا- بالقدس:
الإخوان المسلمون بمصر يشاركون إخوانهم عرب فلسطين فى الاحتجاج على الاعتداءات الصهيونية الأثيمة. ويرجون لفلسطين العربية الخلاص من نير الاستعمار الإنجليزي والصهيوني. ويأملون النصر القريب للعروبة والإسلام.
المندوب السامي لحكومة فلسطين- القدس:
الإخوان المسلمون بمصر يحتجون على الاعتداءات الصهيونية ضد إخوانهم عرب فلسطين، ويرون فى موقف الحكومة الإنجليزية السلبي من هذه الاعتداءات تآمرا مع الصهيونيين المعتدين على العرب البرءاء الآمنين.(20)
الإخوان يرفضون
تقرير لجنة التحقيق
أرسل فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين البرقية التالية إلى سكرتير هيئة الأمم المتحدة بمناسبة ما نشر عن تقرير لجنة التحقيق الخاصة بفلسطين:
الإخوان المسلمون بمصر والعالم العربي والإسلامي يرفضون بشدة تقرير لجنة التحقيق الباطل ويستنكرون ما جاء فيه، ويعلنون أن فلسطين عربية وستبقى كذلك، وأنهم سيناهضون أى اعتداء على عروبتها بكل قوة.(21)
الإخوان المسلمون وفلسطين
أرسل فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين إلى سكرتير هيئة الأمم المتحدة البرقية التالية:
الإخوان المسلمون بمصر والعالم الإسلامي -بمناسبة عرض قضية فلسطين على الهيئة- يعلنون أشد الاستنكار للاقتراحات المقترحة على لجنة التحقيق، وعزمهم على مقاومة كل مشروع يقضى بتقسيم فلسطين ويخالف عروبتها.(22)
من المرشد إلى هيئة الأمم
أرسل فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين إلى كل من سكرتير هيئة الأمم المتحدة وجنرال مارشال وزير خارجية أمريكا البرقية التالية:
المركز العام للإخوان المسلمين يعتبر قضية عرب فلسطين قضية جميع مسلمي العالم. وإن الاستجابة لمطامع الصهيونيين وإقامة دولة يهودية فى أى جزء من فلسطين سيحول الشرق جميعه إلى ميدان لمجازر بشرية لا يتحمل مسئوليتها إلا الذين ناصروا باطل الصهيونيين ضد حق العرب الصريح، وإن ديننا ليأمرنا بمقاومة هذا العدوان الاستعماري بكل ما لدينا من قوة. لقد تمتع اليهود طوال الحكم العربي بالأمان الذي حرموه فى المدنية الحاضرة، وإن السبيل الوحيد إلى إقرار السلام فى الشرق، إعلان استقلال فلسطين وانسحاب الجيوش البريطانية منها وإقامة حكومة عربية ديموقراطية.(23)
خطاب من المرشد العام
إلى حاخام وكبار الطائفة الإسرائيلية
أرسل فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين إلى سيادة "حايم ناحوم" حاخام الطائفة الإسرائيلية وحضرات كبار مواطنينا الأعزاء أفراد الطائفة الإسرائيلية الكتاب التالي:
تحية طيبة مباركة. وبعد:
فقد قرأت بجريدة "أخبار اليوم" "وجريدة الزمان" أمس أن الحكومة المصرية قد أخذت التدابير اللازمة لحماية ممتلكات اليهود متاجرهم ومساكنهم.. إلخ فأحببت أن أنتهز هذه الفرصة لأقول أن الرابطة الوطنية التى تربط بين المواطنين المصريين جميعا على اختلاف أديانهم فى غنى عن التدبيرات الحكومية والدولية والحمايات البوليسية.
ولكن ونحن الآن أمام مؤامرة دولية محكمة الأطراف تغذيها الصهيونية لاقتطاع فلسطين من جسم الأمة العربية وهى قلبها النابض، وأمام هذه الفورة الغامرة من الشعور القومي المتحمس فى مصر وغير مصر من بلاد العروبة والإسلام، لا نرى بدا من أن نصارح سيادتكم وأبناء الطائفة الإسرائيلية من مواطنينا الأعزاء بأن خير حماية وأفضل وقاية، هى أن تتقدموا سيادتكم -ومعكم وجهاء الطائفة- فتعلنوا على رؤوس الأشهاد مشاركتكم لمواطنيكم من أبناء الأمة المصرية مشاركة مادية وأدبية فى كفاحها القومي الذى اتخذوه مسلمين ومسيحيين لإنقاذ فلسطين، وأن تبرقوا –سيادتكم- قبل فوات الفرصة لهيئة الأمم المتحدة وللوكالة اليهودية ولكل المنظمات والهيئات الدولية والصهيونية التى يهمها الأمر بهذا المعنى، وبأن المواطنين الإسرائيليين فى مصر سيكونون فى مقدمة من يحمل علم الكفاح لإنقاذ عروبة فلسطين.
يا صحاب السيادة:
بذلك تكونون قد أديتم واجبكم القومي كاملا وأزلتم أى ظل من الشك يريد أن يلقيه المغرضون حول موقف المواطنين الإسرائيليين فى مصر، وواسيتم الأمة العربية كلها والشعوب الإسلامية فى أعظم محنة تواجهها فى تاريخها الحديث، ولن ينسى لكم الوطن والتاريخ هذا الموقف المجيد.
وتفضلوا بقبول احتراماتي وتحياتي.(24)
من المرشد العام
إلى سكرتير هيئة الأمم المتحدة
إلى المستر "تريجفى لى" سكرتير هيئة الأمم المتحدة:
إصراركم على المجاهرة بالتحيز للصهيونية والعمل بكل وسيلة على إنفاذ مشروع التقسيم الظالم تجاوز لاختصاصكم، واستفزاز للعالم العربي والإسلامي، وإشعال لنار العداوة والبغضاء، وتعريض لسمعة العاملين بهيئة الأمم المتحدة لاتهام جارح، وقرار هيئة الأمم غير ملزم، ومن واجبكم السكوت والتزام الحياد التام.(25)
احتجاج الإخوان المسلمين على مؤامرة حيفا
جناب السفير البريطاني
القاهرة: المؤامرة الظالمة بين السلطات البريطانية والصهيونية على تسليم فلسطين العربية لهم وقتل أطفالها وشيوخها ونسائها ورجالها إرضاء للأهواء وخضوعا للتحكم اليهودي، أثارت نفوس الأمة العربية بأسرها وألهبت الشعور الإسلامي فى كل أنحاء العالم، وإن بريطانيا فى محنتها لأحوج ما تكون إلى قلب واحد من هذه القلوب التى أخرجها هذا العدوان من الإنجليز واليهود.
فنحمل الحكومة البريطانية التى خدعت العرب هذه الخديعة المنكرة تبعة ما حدث فى حيفا وما قبلها وما يحدث بعد ذلك، ولن تمر هذه الحوادث سهلة هينة دون أن تنتج أثرها العملي فى النفوس والأوضاع.
﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون﴾[الشعراء: 227].(26)
من فضيلة المرشد العام
إلى رئيس هيئة الأمم المتحدة
أرسل فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين البرقية التالية لرئيس هيئة الأمم المتحدة فى باريس:
أرجو أن تبلغوا حضرات أعضاء الهيئة المحترمين الذين يمثلون دول العالم المتحضر أن المؤامرة التى تدبر فى الظلام بين اليهودية العالمية والحكومات الاستعمارية لن تثنى الشعوب العربية والإسلامية قيد شعرة عن مواصلة جهادها المرير بكل الوسائل للقضاء على عصابات الصهيونية وإجلائها عن الأرض المباركة والمحافظة على عروبة فلسطين. وأن ما يوجه إلى الحكومات العربية من ضغط أو تهديد لن يؤثر فى عزيمة الشعوب وتصميمها على الكفاح. وأن ما تسمعه الهيئة من المندوبين العرب من العبارات اللينة والكلمات المعسولة الطيبة لا تمثل الثورة المضطربة فى صدور الشعوب العربية والأمم الإسلامية، تلك الشعوب التى لن تهدأ حتى تنال هذه الشعوب حقها أو تفنى دونه.(27)
المصادر
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (627)، السنة الثالثة، 7 رجب 1367- 16 مايو 1948، ص(2).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (401)، السنة الثانية، 7شوال 1366/ 23أغسطس1947، ص(1).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (375)، السنة الثانية، 4 رمضان 1366 ﻫ/22 يوليو 1947م، ص(1).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (394)، السنة الثانية، 26 رمضان 1366/ 13أغسطس1947، ص(1).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (402)، السنة الأولى، 8 شوال سنة1366 /24 أغسطس 1947، ص(2)
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (310)، السنة الثانية، 16 جماد آخر1366 ﻫ/ 7 مايو 1947م، ص(1).
- مجلة النذير، العدد (13)، السنة الثانية، 25 ربيع الأول 1358ﻫ- 16 مايو 1939م، ص(10).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (145)، السنة الأولى، 27 ذو القعدة 1365ﻫ- 22 أكتوبر 1946م، ص(3).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (546)، السنة الثانية، 30 ربيع الأول 1367ﻫ- 10 فبراير 1948م، ص(5).
- مجلة الإخوان المسلمين، العدد (101)، السنة الرابعة، 9 جمادى الثانية 1365ﻫ- 11 مايو 1946م، ص(19).
- جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (22)، السنة الخامسة، 2رمضان 1356ﻫ- 5نوفمبر 1937م، ص(23).
- مجلة النذير، العدد (5)، السنة الأولى، 28 ربيع الثاني 1357ﻫ- 27 يونيو 1938م، ص(21).
- مجلة النذير، العدد (8)، السنة الأولى، 20جمادى الأولى 1357ﻫ- 18 يوليو 1938م، ص(22).
- مجلة النذير، العدد (30)، السنة الأولى، 4 ذو القعدة 1357ﻫ- 27 ديسمبر 1938م، ص(23).
- مجلة النذير، العدد (15)، السنة الثانية، 10 ربيع الثاني 1358ﻫ- 30 مايو 1939م، ص(15)
- مجلة النادي، 5 جمادى الأولى 1358ﻫ- 23 يونيو 1939م، ص(3).
- مجلة النذير، العدد (35)، السنة الثانية، 10 رمضان 1358ﻫ- 24 أكتوبر 1939م، ص(9).
- مجلة الإخوان المسلمين، العدد (41)، السنة الثانية، 23 شعبان 1363ﻫ- 12 أغسطس 1944م، ص(6).
- مجلة الإخوان المسلمين، العدد (99)، السنة الرابعة، 21 جمادى الأولى 1365 ﻫ- 23 أبريل 1946م، ص(18).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (188)، السنة الأولى، 21 محرم 1366ﻫ- 15 ديسمبر 1946م، ص(3).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (410)، السنة الثانية، 18 شوال 1366ﻫ- 3 سبتمبر 1947م، ص(1).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (421)، السنة الثانية، 1ذو القعدة 1366ﻫ- 16سبتمبر 1947م، ص(1).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (435)، السنة الثانية، 17 ذو القعدة 1366ﻫ- 2 أكتوبر 1947م، ص(1).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (484)، السنة الثانية، 17 محرم 1367ﻫ- 30 نوفمبر 1948م، ص(2).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (551)، السنة الثانية، 6 ربيع الثاني 1367ﻫ- 16 فبراير 1948م، ص(2).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (610)، السنة الثانية، 16جمادى الثانية 1367ﻫ- 25 أبريل 1948م، ص(2).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (737)، السنة الثالثة، 23 ذو القعدة 1367- 26 سبتمبر 1948، ص(2).