إعداد موقع الإمام حسن البنا
انشغل الإمام حسن البنا بهموم وطنه وأمته، فأخذ على عاتقه العمل من أجل رفعة وحرية أمته من المستعمر الأجنبي ونشر التعاليم الإسلامية السمحاء، ومن أجل ذلك كتب لملك البلاد وملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية والوزراء بل كتب إلى الأمراء من أجل أن يهتموا وينشغلوا بقضايا أمتهم خاصة الذين عرف عنهم صلاحهم كالأمير عمر طوسون.
إلى صاحبي السمو الأميرين الجليلين
محمد على توفيق وعمر طوسون
سيدي صاحب السمو
أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وأصلى وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأرفع إلى سموكم تحية الإخوان المسلمين مشفوعة بالإجلال والإكبار فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يا صاحب السمو: مواقفكم الإسلامية المجيدة وعطفكم العظيم على الشعب المصري، الذي يدين لكم بالولاء والإخلاص، ورغبتكم الأكيدة فى صلاح الشعب ورخائه كل ذلك دفعنا إلى التقدم إلى سموكم بهذا الخطاب.
يا صاحب السمو. إن الحزبية السياسية قد مزقت أوصال الأمة وتركت فى حياتها العامة والخاصة أسوأ الآثار ومحال أن يتم إصلاح، أو ينتج عمل مع هذا التناحر البالغ والخصومة الشديدة اللديدة، ومحال أن تصل إلى غاية وكل هم زعمائها ورؤساء الأحزاب فيها أن يكيد بعضهم لبعض، وينال بعضهم من بعض وأن أخطار هذه الخصومة لم تقف عند حد الزعماء ومن يليهم ولا عند المدن والأندية والصحف، بل إنها تغلغلت فى حياة الأفراد والأسر وأفسدت على الناس كل شىء فشغلتهم عن كل الواجبات الوطنية والشخصية والإنسانية والخلقية، وإن الأمم الناهضة الآن قد أخذت تتخلص من آثار الخصومة الحزبية المعقولة فضلا عن الخصومة الحزبية الهوجاء التى لا تقف عند حد، ولا تعرف مدى تنتهى إليه، وإن الإسلام -يا صاحب السمو- يحرم هذه الفرقة، وينهى عنها أشد النهى، ويأمر بإصلاح ذات البين، ويجمع الكلمة ويوحد قوى الأمة. وإن الأحزاب فى مصر لا تخالف بينها فى المناهج، ولا تباعد فى الغايات، وقد أنتجتها حوادث مضى عهدها، وانتهى أمدها ولا معنى لتعددها وبقائها على هذه الصورة العقيمة، التى لم تنتج إلا الشحناء والبغضاء والتناحر حول الأسماء والألقاب والمطامع الشخصية التافهة الصغيرة.
ولما لسموكم من المنزلة الرفيعة فى كل نفس، والمقام الأسمى فى كل قلب، رأى مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين أن يتوجه إلى سموكم وسمو الأمير.. وإلى سعادة رئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب باسم الإسلام الحنيف وباسم مصر الناهضة أن تتدخلوا فى الإصلاح بين الزعماء وجمع كلمتهم فى هيئة قومية واحدة باسم جديد تضمهم جميعا ومعهم كل ذوي الكفايات والمواهب تضع برنامج النهضة وافيا شاملا لكل نواحي الحياة على أساس من تعاليم الإسلام القويمة وتشريعه الحكيم وإرشاداته السامية مع تنازل كل حزب عن اسمه فى سبيل الله والإصلاح أنقذ الله بكم الأمة وحقق بكم آمال الشعب المصري الكريم"(1).
الإخوان المسلمون وتوحيد الصفوف
أرسل فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين أمس البرقيتين الآتيتين إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد على باشا، وإلى دولة رئيس الوزراء:
حضرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد على بالقاهرة:
فى هذه الساعات الفاصلة فى تاريخ مصر تتجه الأمة بكل تقدير وإكبار لجهود سموكم المباركة فى العمل لتوحيد الكلمة وضم الصفوف على الجهاد لقضية الوطن فى الميدانين الداخلي والدولي، وتنتظر الأمة بفارغ الصبر وصادق الدعوات أن تكلل هذه الجهود بالنجاح والتوفيق، فواصلوها على بركة الله مشكورين والله معكم والتاريخ يسجل لكم(2).
لجنة مساعدة فلسطين
إلى صاحب السمو الأمير عمر طوسون
حضرة صاحب السمو الأمير الجليل عمر طوسون.
تتشرف اللجنة المركزية لمساعدة فلسطين التابعة لجمعية الإخوان المسلمين جريًا على ما اعتادته الأمة المصرية، بل والعالم الإسلامي من الفزع إلى سامي عطفكم فى الملمات، والاستئناس بحازم رأيكم كلما دجت الخطوب، تتشرف برفع هذا إلى سموكم موجهة أنظاركم العالية إلى ما يعانيه الإخوان المجاهدون أبطال فلسطين من آلام الموت والفاقة التى أنزلتها بهم القوى الغاشمة.
وإن صاحب السمو ليقدر معنا أن فلسطين الجارة العزيزة -وفيها بيت المقدس الذي يجمع المسلمون والمسيحيون على إكباره ومنعه، والذود عن كرامته- جديرة بأن نتقدم إليها وفى طليعتنا سمو الأمير الجليل عمر طوسون بما يستطاع من بر ومساعدة.
تألفت اللجنة المركزية لمساعدة فلسطين من شباب جمعية الإخوان المسلمين الذين بايعوا الله على التقوى والإيمان والفناء فى سبيل إعزاز الدين، وقد تكونت من بينهم اللجان للخطابة فى المساجد، وجمع ما يجود به المسلمون، وبث الدعاية الواسعة لنجاح هذا المقصد الجليل. وقد توجهنا إلى سموكم بهذا راجين أن تجد فلسطين الجريحة من بركم وعطفكم -ما وجدته الحبشة- الآسي الرقيق، والبلسم الشافي.. ولنا رجاء آخر أن تتفضلوا بصفتكم أحد رئيسي لجنة مساعدة الحبشة بإرسال ما تبقى من الأموال التى جمعت لغرض مساعدة الأحباش إلى اللجنة العربية فى فلسطين، وسيجزيكم الله الجزاء الأوفى.
وتفضلوا يا صاحب السمو بقبول عظيم احترامي(3).
المصادر
- جريدة النذير، العدد (2)، السنة الأولى، 7 ربيع ثان 1357 / 6 يونيو 1938, ص(8).
- جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (242)، السنة الأولى، 25 ربيع الأول 1366ﻫ- 16 فبراير 1947م، ص(2).
- جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (7)، السنة الرابعة، 5ربيع الأول 1355ﻫ- 26مايو 1936م، ص(14).