إعداد موقع الإمام حسن البنا
من أكثر العلوم التي اختلف الناس حولها "التصوف" فمنهم من أعلى من شأنه، وجعله غاية العلوم، ونعته بـ "علم الآخرة" ومنهم من حط من قدره، وجعله بابًا واسعًا لإفساد عقائد الناس، ورمى أصحابه بالكفر والزندقة.
والصوفية أو التصوف هو مذهب إسلامي، انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنـزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة معروفة باسم الصوفية.
بدأ الشيخ حسن البنا دراسته بالقرآن الكريم والثقافة الإسلامية، حيث أراد والده الشيخ عبد الرحمن الساعاتي -رحمه الله - أن ينشأ ولده نشأة إسلامية حقيقية، وأصر على أن يحفظ القرآن، واستكمل له الكثير من جوانب الثقافة الإسلامية في سن مبكرة، وتأثر بالصوفية الحصافية، ولذا دعى إخوانه إلى التصوف الحقيقي والزهد في الحياة وأن تكون الدنيا في أيديهم وليس في قلوبهم. وهو ما جعله يكتب عن التصوف الحقيقي.
التصوف والأخلاق
معنى التصوف:
يراد بالتصوف الزهد فى الدنيا والالتفات إلى الآخرة والاجتهاد فى طاعة الله، أو يراد به تطهير النفس من أدران البشرية حتى تصفو وتشرق، وتكون مرآة للحقائق الربانية، والأسرار الإلهية، أو يراد به فناء العارف عما سوى الله تعالى؛ فلا يرى موجودًا بذاته غيره، أو يراد به اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فى أقواله وأفعاله وأحواله، أو يراد به هذه المعاني كلها لتلازمها واتصالها وترتب بعضها على البعض الآخر.
وهذا المعنى هو الذي يقصده شيوخ الصوفية المحققون -رضوان الله عليهم- لا يعدلون به إلى غير ذلك، وأقوالهم فى تعريف التصوف وحده تؤيد هذا القصد.
قال الإمام أبو القاسم الجنيد بن محمد -قدس الله سره-: "التصوف هو أن يميتك الحق عنك ويحييك به"، وقال: "هو أن تكون مع الله بلا علاقة"، وقال أبو بكر الشبلى رضى الله عنه: "الصوفي منقطع عن الخلق، متصل بالحق"، وقال بعض الشيوخ: "وهو الدخول فى كل خُلُقٍ سَنِىّ، والخروج من كل خُلُق دنىّ، أو هو أخلاق كريمة ظهرت فى زمان كريم مع قوم كرام"، وقال سهل بن عبد الله رضى الله عنه: "الصوفي من صفا من الكدر، وامتلأ من الفكر، وانقطع إلى الله دون البشر، واستوى عنده المال والمدَر"، وقال الشيخ أحمد بن عجيبة رضى الله عنه فى شرحه لمنظومة المباحث فى تعريف الصوفي وذكر خصائصه: "الناس ثلاثة: عالم، وعابد، وعارف. وكلهم قد أخذ حظًا من الوراثة النبوية؛ فالعالم ورث أقوال النبى صلى الله عليه وسلم علمًا وتعليمًا بشرط إخلاصه، وإلا خرج من الوراثة بالكلية، والعابد ورث أفعاله صلى الله عليه وسلم من صيام وقيام ومجاهدة، والصوفي ورث العلم والعمل، وزاد عليهما بوراثة الأخلاق التى كان عليها باطنه صلى الله عليه وسلم من زهد وورع وخوف ورجاء وصبر وحلم ومحبة ومعرفة... إلخ".
وقد يطلق التصوف ويراد به الأذواق والمواجد، ونتائج الكشف التى تعرض للسالكين وتلوح للسائرين، وهذا المعنى خاص بصاحبه لا يصح أن يظهره أو يكتبه أو يشير إليه، ولا يصح أن يُتَّخذ حكمًا شرعيًا ولا حجة لحكم، ولا يمكن أن تصوره العبارة أو تحده اللغة؛ لأنه من الأذواق التى لا تتناولها مدلولات الألفاظ.
وإلى هذا الإشارة بقول بعض الشيوخ: "عِلْمُنا هذا إشارة، فإذا صار عبارة فني"، ويقول صاحب منظومة المباحث الأصلية:
ووضعه فى الكتب لا يجوز بل هو كنز فى النُّهى مكنوز
إياك أن تطمع أن تحوزه من دفتر أو شعر وأرجوزة
وهذا هو المسمى بعلم المكاشفة، وهو أمر شخصي يتعلق بصاحبه فقط، ولا تتناوله الأحكام العامة، فإن أظهر منه شيئًا يوافق الأحكام الظاهرة العامة سُلِّم له، وإن كان مخالفًا لها أقيمت عليها حدودها.
وقد يقصد بعض الناس من إطلاق لفظ "التصوف" معنى ثالثًا؛ عماده المذاهب الفلسفية والآراء النظرية، وهو نتيجة ربط الأذواق والمواجد بهذه العلوم، وخلطها بأحكامها وقواعدها، ويشير الباحثون فى التصوف بهذا المعنى إلى الوحدة والحلول وغيرهما من الآراء الفلسفية الصرفة، والتصوف بهذا المعنى أمر فلسفى عقلي لا صلة له بالإسلام البتة، ولم يكن على عهد السلف الصالح، ولم يتكلم فيه كبار الصوفية، وإنما علم أوجده اتساع العلوم، واستبحار العمران، وترجمة كتب الأمم الأخرى، واختلاط قواعد علومها بعلوم الإسلام -كما وقع فى علم الكلام- وقد يؤدى بصاحبه إلى الخروج من عقيدة أهل الإسلام وهو يظن أنه من خاصتهم.
وقد كان النظر فى التصوف بهذا المعنى سببًا لبلاء كبير فى المسلمين، وتكأةً لكل إباحي يتلمس السبيل إلى نيل شهواته تحت ستار من العقائد، أو ملحد يريد أن يهدم الإسلام بتصيد الشبهات، أو معطل يحاول التخلص من تكاليف الكتاب والسنة؛ فعليك أن تتمسك بمدلول المعنى الأول، وتعمل به؛ فينكشف لك سر المعنى الثاني، واحذر أن يلتبس عليك الطريق فتكون ممن يفهمون التصوف بالمعنى الثالث، وسل الله دائمًا أن يلهمك رشدك؛ فإن مزالق الطريق كثيرة، والله حسبنا ونعم الوكيل(1).
التصوف والكتاب والسنة
التصوف الإسلامي بمعناه الصحيح يستمد أصوله وقواعده من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ككل علم إسلامي، وذلك هو الذي تظاهرت عليه أقوال شيوخه وأئمته.
قال الجنيد قدس الله سره: "علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة؛ فمن لم يسمع الحديث ومجالس الفقهاء، ويأخذ أدبه عن المتأدبين أفسد من اتبعه"، وقال سهل بن عبد الله: "بنيت أصولنا على ستة أشياء: كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكف الأذى، وأكل الحلال، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق"، وقال أبو عثمان الخيرى رضى الله عنه: "من أمّر السنة على نفسه نطق بالحكمة، ومن أمّر الهوى على نفسه قولا وفعلا نطق بالبدعة"، وقال أبو القاسم النصر أباذى رضى الله عنه: "أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع"، والأقوال فى ذلك كثيرة حتى قال أبو الحسن الشاذلي رضى الله عنه: "إذا استند كشف الولي إلى غير الكتاب والسنة فهو كشف شيطانى، لا يؤخذ عنه، ولا يسلّم له".
والقاعدة عندهم أن السنة هى الأصل؛ لأن صاحبها -صلوات الله وسلامه عليه- معصوم من الخطأ، وما عداها تابع؛ لأن قائليه غير معصومين؛ فكل كلام غيرها يعرض عليها، فإن وافقها قيل، وإلا رُفض.
وقد صار الناس يطلقون كلمة صوفي، وابن طريق، وولى، ودرويش (وهى كلمة فارسية معناها مُريد، أو ما يقرب من ذلك) على كل من ظهرت عليه علامات التقشف ورثاثة الثياب وعدم العناية بنظافة الجسم، أو كل من ظهرت عليه دلائل البله بشئون الحياة، أو كل من تكاسل عن أداء الفرائض الدينية، وارتكب المخالفات، وادعى لذلك أعذارًا مجهولة كأنه يصلى فى الكعبة، أو أنه ينظر فى اللوح المحفوظ، فيرى أن المعصية مقدرة عليه؛ فهو ينفذها لذلك، وأنه وصل إلى درجة رفع عنه فيها التكليف، أو أن حقائق الأشياء تنقلب له فيصير الخمر ماء، إلى غير ذلك من المزاعم، وقد يستدل بعضهم بما ينسب لبعض الشيوخ من قوله:
فلا تلُم السكران فى حال سُكرِه فقد رُفِعَ التكليفُ فى سكرنا عنا
وقد علمت مما سبق أن التصوف برىء من هذه المزاعم، مشيد بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن الصوفي لا يكون صوفيًا إلا بالتمسك بهما، والولي لا يكون وليًا إلا إذا اهتدى بهديهما؛ فهما عماد الوصول، ومنار طريق السلوك، ولن يصل السالك إلى شىء من نور الهداية والمعرفة إلا بصدق التوجه والعمل بهما.
وقد نقل سيدي محمد بن عجيبة البوزيدي فى شرحه على المباحث الأصلية عن أبى طالب المكي فى قوت القلوب ما يأتى: "وأعرف فى زماننا هذا علومًا كثيرة من الأباطيل والغرور والدعاوى قد ظهرت وسميت علومًا".
وقال فى موضع آخر نقلا عن سيدى محيى الدين بن العربي الحاتمي: "حصلت الفترة فى الطريقة، لا بل قد اندرست فى الحقيقة، مضت الشيوخ الذين كان لهم اهتداء، وبقى الشباب الذين ليس لهم بسيرتهم اقتداء، زال الورع وطوى بساطه، وقوى الطمع واشتد رباطه، وارتحلت عن القلوب حرمة الشريعة؛ فعدوا قلة المبالاة أوثق ذريعة، رفضوا التمييز بين الحلال والحرام، ودانوا بترك الاحترام وطرح الاحتشام، واستخفوا بأداء العبادات، واستهانوا بالصوم والصلاة، وركضوا فى ميادين الغفلات، وركنوا إلى اتباع الشهوات وقلة المبالاة، وهذا معنى قول أبى مدين:
واعلم بأن طريق القوم دارسة وحال من يدعيها اليوم كيف ترى
هذه أقوال المحققين من الصوفية أنقلها إليك، وهي قليل من كثير؛ لتعلم كيف تعلق الناس بالأسماء، وتركوا الحقائق، وأخذوا القشور، ورموا اللباب، وما أظرف قول القائل:
ليس التصوُّف لبسَ الصوف ترقعُه ولا بكاؤك إن غنى المغنونا
ولا صياح ولا رقص ولا طرب ولا اضطراب كأن قد صرت مجنونًا
بل التصوفُ أن تصفو بلا كدر وتتبع الحق والقرآن والدينا
وأن تُرى خاشعًا لله مكتئبًا على ذنوبك طول الدهر محزونًا
وقول الآخر:
ألم يعلموا أن الطريق كناية عن العمل الجاري على وفق شرعِنا
وذبح النفوس الضاريات بمدية من الخلف حتى لا تميل إلى الخنا
فما أشد الغفلة، وما أعظم سلطان الألفاظ، وما أبعد العرف عن الحقيقة؛ فاعرف ذلك جيدًا، واطلب لباب الأمور؛ لتكون من الصادقين فى الطلب الواصلين إلى درجات القرب، إن شاء الله(2).
(الشريعة، والطريقة، والحقيقة)
(أو علم الظاهر، وعلم الباطن)
يكثر إطلاق هذه الألفاظ فى علم القوم وحديثهم، وإذا درست أقوالهم علمت أنهم يريدون المعاني الآتية:
1- الشريعة: هى أحكام الدين المأخوذة من الكتاب والسنة سواء تعلقت بالعقائد أو العبادة أو غيرهما.
2- والطريقة: هى العمل بهذه الأحكام مع إدراك مراميها، والأخذ بعزائمها، وعدم التوانى والكسل فى ذلك.
3- والحقيقة: هى الأثر الذي يتركه دوام الطاعات فى القلب مع صفاء الروح، ورقة القلب، وسرعة الفهم، وازدياد العلم والمعرفة بالله -تبارك وتعالى-، وانكشاف حقائق بعض الأمور للعالم بالشريعة العامل بالطريقة.. إلى غير ذلك من الفيوضات الإلهية التى لا تنقطع فى المقامات التى لا تحد بوصف كلامي.
والثلاثة بهذا المعنى أمور متلازمة لا ينفصل أحدها عن الآخر؛ فمن علم بالشريعة وعمل بالطريقة وصل إلى الحقيقة، ولا وصول إلى الحقيقة إلا بالعلم والعمل، ومن وقف مع العلم فقط حرم الفهم، وكان علمه حجة عليه.
وهذه المعاني هى المقصودة عند الشيوخ بهذه الألفاظ، وكل ما زاد عليها أو خالفها فوهم باطل، وإليك أقوالهم فى ذلك:
قال صاحب شرح تائية السلوك: "الشريعة أمر للعبد بالتزام العبودية، والحقيقة مشاهدة الربوبية عند التحقق بمقام الإحسان المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم: "أنْ تعبُد الله كأنك تراه" والطريقة: هى سلوك طريق الشريعة مع العمل بالأحوط، وعدم تتبع الرخص، والمراد من الثلاثة إقامة العبودية على الوجه المراد من العبد".
وقد أشار سيدي إبراهيم الدسوقي رضى الله عنه إلى ذلك وإلى تلازم الثلاثة بقوله: "العلم كله مجموع فى حرفين: أن تعرف العبودية وتعبده؛ فمن فعل ذلك فقد أدرك الشريعة والحقيقة"، ثم قال: "الشريعة هى الشجرة، والحقيقة هى الثمرة"، وقال فى شرح المباحث بعد تلخيص أقوال الأئمة من شيوخ الصوفية رضوان الله عليهم: "الشريعة هى إصلاح الجوارح الظاهرة، وهي تدفع إلى الطريقة التى هى إصلاح السرائر الباطنة، وهي تدفع إلى الحقيقة التى هى كشف الحجاب، ومشاهدة الأحباب؛ فالشريعة أن تعبده، والطريقة أن تقصده، والحقيقة أن تشهده".
وهو فى هذا لم يقصد العلم؛ لأنه مفهوم بالضرورة من اشتراط العمل، وقسم العمل إلى قسمين: عمل الجوارح وعمل القلوب، وهو فى جملته لم يخرج عما سبق بيانه.
ومن العبارات المتداولة فى كتب القوم، وينسبونها إلى الإمام مالك رضى الله عنه -ولا أظن هذه النسبة صحيحة؛ لأن هذا التقسيم إنما حدث بعد الصدر الأول وتدوين العلوم- تلك العبارة المأثورة: "من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد فسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق".
وقد رأيت كيف مثل سيدي إبراهيم الدسوقي رضى الله عنه الشريعة بالشجرة، والحقيقة بالثمرة.
وأقول: إن مثل الثلاثة كمثل حبة الفول؛ لها قشرة غليظة وهى غطاء الحبوب، ولها قشرة أخرى رقيقة تلامسها وتلاصقها ومن داخلها اللب؛ فالأولى الشريعة، والثانية الطريقة، والثالثة الحقيقة؛ فلن تصل إلى اللب حتى تجاوز القشرتين، وبعضهم يجعلها مرتبتين فقط هما: الشريعة والحقيقة؛ يقصد بالأولى العلم والعمل، ويقصد بالثانية ثمرتهما من الفهم فى دين الله، وصفاء الروح، وانكشاف الحقائق لها، وإذا علمت هذا فاعلم أن المقصود عندهم بعلم الظاهر الشريعة -أى العلم والعمل-، والمقصود بعلم الباطن الحقيقة -أى الكشف والفهم- وسيأتي تفصيل لذلك فى العدد التالي إن شاء الله(3).
علم الظاهر وعلم الباطن .. والبحوث المتعلقة بهما
سنتكلم فى هذا البحث إن شاء الله حول النقط الآتية:
1- المقصود بعلم الباطن وعلم الظاهر.
2- هل لعلم الباطن وجود؟ وما الأدلة على ذلك؟
3- وهل يتنافى العلمان أم هما متحدان؟ وهل يصح أن يكون علم الباطن -على ثبوت وجوده- حجة فى أحكام الشرع؟
4- الفرق بين علم الباطن عند الصوفية -رضوان الله عليهم- وعند الباطنية.
وسنبدأ بنقل آراء الشيوخ -رضوان الله عليهم- فى ذلك وتلخيصها، ثم نتبعها بما يطمئن إليه القلب فى هذه البحوث الهامة التى وقف أمامها الباحثون زمنًا، وبالله التوفيق.
رأى الإمام الغزالي:
يرى الإمام الغزالي فى الجزء الأول من الإحياء أن علم الباطن غاية العلوم، وهو علم الآخرة، وعرَّفه بأنه عبارة عن نور يظهر فى القلب عند تطهيره وتزكيته من صفاته المذمومة، وينكشف من ذلك النور أمور كثيرة، كان يسمع من قبل أسماءها؛ فيتوهم لها معانى مجملة غير متضحة؛ فتتضح إذ ذاك حتى تحصل المعرفة الحقيقية، وضرب لذلك أمثلة منها إدراك حقائق علم الدنيا وعلم الآخرة، ثم قال: "وهذا ممكن فى جوهر الإنسان، لولا أن مرآة القلب قد تراكم صدؤها وخبثها بقاذورات الدنيا"، قال: ولا سبيل إلى هذا العلم إلا بالرياضة التى يأتى تفصيلها فى موضعها، وبالعلم والتعليم، وهذه هى العلوم التى لا تسطر فى الكتب، ولا يتحدث بها من أنعم الله عليه بشىء منها إلا مع أهله، وهذا هو العلم الخفي الذي أراده صلى الله عليه وسلم بقوله: "إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا أهل المعرفة بالله، فإذا نطقوا به لم يجهله إلا أهل الاغترار بالله تعالى .. إلخ"، قال العراقي: الحديث رواه أبو عبد الرحمن السُلمى فى الأربعين فى التصوف من حديث أبى هريرة بإسناد ضعيف.
وأكد الغزالي هذا المعنى فى موضع آخر من الجزء الأول أيضًا، فقال: "واعلم أن انقسام هذه العلوم إلى خفية وجلية لا ينكرها ذو بصيرة، وإنما ينكرها القاصرون الذين تلقفوا فى أوائل الصبا شيئًا وحمدوا عليه؛ فلم يكن لهم ترقٍّ إلى شأو العلا ومقامات العلماء والأولياء، وذلك ظاهر من أدلة الشرع".
قال صلى الله عليه وسلم: "إن للقرآن ظاهرًا وباطنًا، وحدًا ومطلقًا" الحديث رواه ابن حبان فى صحيحه من حديث ابن مسعود.
وقال على رضى الله عنه وأشار إلى صدره: "إن هاهنا علومًا جمة لو وجدت لها حملة".
وقال ابن عباس رضى الله عنه فى قول الله عز وجل: }الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ [الطلاق: 12]: لو ذكرت تفسيره لرجرمتمونى، وفى لفظ آخر لقلتم: إنه كافر.
وقال أبو هريرة رضى الله عنه: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر لو بثثته لقطع هذا الحلقوم، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما فَضَلكم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة، ولكن بسر وقر فى صدره" رواه الترمذي الحكيم فى النوادر من قول أبى بكر بن عبد الله المزنى، قال العراقي: ولم أجده مرفوعًا، وقال فى اللؤلؤ المرصوع: وأشار ابن القيم إلى وضعه.
وقال سهل التستري رضى الله عنه: "للعالم ثلاثة علوم: علم ظاهر يبذله وهو الظاهر، وعلم باطن لا يسعه إظهاره إلا لأهله، وعلم هو بينه وبين الله تعالى لا يظهره لأحد"، ثم قال: "فإن قلت: هذه الآيات والأخبار يتطرق إليها تأويلات، فبيِّن لنا كيفية اختلاف الظاهر والباطن؛ فإن الباطن إن كان مناقضًا للظاهر ففيه إبطال الشرع، وهو قول من قال: إن الحقيقة خلاف الشريعة وهو كفر؛ لأن الشريعة عبارة عن الظاهر، والحقيقة عبارة عن الباطن، وإن كان لا يناقضه ولا يخالفه فهو هو؛ فيزول به الانقسام، ولا يكون للشرع سر لا يفشى؛ بل يكون الخفي والجلي واحدًا؛ فاعلم أن هذا السؤال يحرك خطبًا عظيمًا، وينجر إلى علوم المكاشفة، ولكن إذا انجر الكلام إلى تحريك خيال فى مناقضة الظاهر للباطن؛ فلا بد من كلام وجيز فى حله؛، فمن قال: إن الحقيقة تخالف الشريعة، أو الباطن يناقض الظاهر؛ فهو إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان، ثم قسم الأسرار التى يختص بها المقربون إلى خمسة أقسام، وأطال فيها بكلام، مجمله ما يأتى:
القسم الأول: أن يكون الشيء فى نفسه وقتيًا، تكلُّ أكثر الأفهام عن دركه، فيختص بها الخواص، ولا يذكرونه للعوام حتى لا يكون فتنة؛ لقصور مداركهم عنه.
والقسم الثاني: أمور يكون فى ذكرها ضرر لبعض الناس، ولا تضر الآخرين، فتخفى عن نظرهم وتظهر لغيرهم.
والقسم الثالث: التعبير بالاستعارة ليكون أبلغ.
والقسم الرابع: التعبير بلسان المقال عن لسان الحال.
والقسم الخامس: أن يدرك الإنسان الشيء جملة، ثم يدركه تفصيلا بالتحقيق والفروق، وذلك كما يتمثل للإنسان فى عينه شخص فى الظلمة أو على البعد، فيحصل له نوع علم؛ فإذا رآه بالقرب أو بعد زوال الظلام أدركه إدراكًا أوفى، ثم أفاض فى أن هذه الأقسام لا منافاة فيها بين الظاهر والباطن، وإنما يأتى الاختلاف من جهة اختلاف الأفهام فى الإدراك.
ثم عاد الإمام الغزالي إلى هذا البحث فى الجزء الثالث فى كتاب "عجائب القلب"، وأخذ يفرق بين الإلهام والتعلم، والفرق بين طريق الصوفية وطريق النظار، وذكر شواهد الشرع وأدلته على ذلك بما لا يخرج عن الكلام المتقدم.
رأى الشيخ محيي الدين بن عربى الحاتمي:
تعرض الشيخ محيي الدين فى الفتوحات فى الباب الرابع والخمسين لهذا البحث، وكان من قوله فيه بعد أن ذكر خطأ الذين يعترضون على الصوفية وعلماء الظاهر كثيرًا ما يقولون من أين أتى هؤلاء العلم؟ لاعتقادهم أن أحدًا لا ينال علمًا إلا على يد معلم، وصدقوا فى ذلك؛ فإن القوم لما عملوا بما علموا أعطاهم الله تعالى علمًا من لدنه بإعلام رباني أنزله فى قلوبهم، مطابقًا لما جاءت به الشريعة، لا يخرج عنها ذرة، قال تعالى: }خَلَقَ الإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ [الرحمن: 3-4]، وقال فى عبده الخضر: }وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا [الكهف: 65].
فصدق المنكرون فيما قالوا: إن العلم لا يكون إلا بمعلم، وأخطئوا فى اعتقادهم أن الله تعالى لا يعلم من ليس بنبي ولا رسول، قال تعالى: }يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ [البقرة: 269]، والحكمة هى العلم، وجاء بـ "من" وهي نكرة، ولكن هؤلاء المنكرين لما تركوا الزهد فى الدنيا، وآثروها على الآخرة وعلى ما يقرب إلى الله تعالى، وتعودوا أخذ العلم من الكتب، ومن أفواه الرجال.. حجبهم ذلك عن أن يعلموا أن لله تعالى عبادًا تولى تعليمهم فى سرائرهم؛ إذ هو المعلم الحقيقي للوجود كله.
ثم ختم كلامه بقوله: وأين تكذيب هؤلاء المنكرين لأهل الله تعالى فى دعواهم العلم من قول على بن أبى طالب -كرم الله وجهه-: "لو تكلمت لكم فى تفسير الفاتحة لحملت لكم منها سبعين وقرًا"؛ فهل كان إلا من العلم اللدنى الذي آتاه الله تعالى له من طريق الإلهام؛ إذ الفكر لا يصل إلى ذلك؟ انتهى كلامه فى الفتوحات، وقد أكد هذا المعنى فى رسالته إلى الشيخ فخر الدين الرازي.
رأى الشيخ الشعراني فى حقيقة العلم الباطن وإنكاره إطلاق هذا الاسم عليه:
قال الشيخ الشعراني فى كتابه "الدرر المنثورة فى بيان زبد العلوم المشهورة"، وكرر هذا المعنى مرارًا فى كتابه "اليواقيت والجواهر": "وأما زبدة علم التصوف الذى وضع القوم فيه رسائلهم؛ فهو نتيجة العمل بالكتاب والسنة؛ فمن عمل بما علم تكلم بما تكلموا به، وصار جميع ما قالوه بعض ما عنده؛ لأنه كلما ترقى العبد فى باب الأدب مع الله تعالى دق كلامه على الأفهام، حتى قال بعضهم لشيخه: إن كلام أخي فلان يدق علىَّ فهمه، فقال: لأن لك قميصين، وله قميص واحد؛ فهو أعلى مرتبة منك، وهذا هو الذى دعا الفقهاء ونحوهم من أهل الحجاب إلى تسمية علم الصوفية بالعلم الباطن، وليس ذلك بباطن؛ إذ الباطن إنما هو علم الله تعالى، وأما جميع ما علمه الخلق على اختلاف طبقاتهم فهو من العلم الظاهر؛ لأنه ظهر للخلق فاعلم ذلك".
وقال فى اليواقيت والجواهر، ونقله عن الشيخ محيي الدين: "فإن قلت: فإن سلمنا للأولياء ما جاءوا به؛ فما حكمه إذا خالف ما جاءت به الرسل؟ فالجواب: حكمه الرد؛ فإن الولي إذا أتى فى كشفه بما يخالف ما كشف للرسل وجب علينا الرجوع إلى كشف الرسل، وعلمنا أن ذلك الولي قد طرأ عليه فى كشفه خلل... إلخ ما قال".
وله فى ذلك مؤلف سماه "حد الحسام فى عنق من أطلق إيجاب العمل بالإلهام".
وقد نقل فى كتابه المسمى بـ "الجواهر والدرر" عن الشيخ محيي الدين ما نصه: "اعلم أنا لا نعنى بملك الإلهام حيث أطلقناه إلا الدقائق الممتدة من الأرواح الملكية لا نفس الملائكة؛ فإن الملك لا ينزل بوحي على غير قلب نبى أصلا، ولا يأمر بأمر إلهي جملة واحدة؛ فإن الشريعة قد استقرت، وتعين الفرض والواجب وغيرهما، فانقطع الأمر الإلهي بانقطاع النبوة والرسالة، وما بقي أحد يأمره الله تعالى بأمر يكون شرعًا مستقلا يتعبد به أبدًا"، وقد أفاض فى هذا المعنى كثيرًا.
رأى الشيخ زروق رضى الله عنه:
قال الشيخ زروق رضى الله عنه فى كتابه "قواعد التصوف" فى القاعدة الخامسة والعشرين: "لا علم إلا بالتعلم عن الشارع أو من ناب منا به فيما أتى به؛ إذ قال عليه السلام: إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن طلب الخير يؤته، ومن يتق الشر يوقه".
وما تفيده التقوى إنما هو فهم يوافق الأصل، ويشرح الصدور، ويوسع العقول، ثم هو منقسم لما يدخل تحت دائرة الأحكام، ومنه ما لا يدخل تحت دائرة العبارة، وإن كان مما تتناوله الإشارة، ومنه ما لا تفهمه الضمائر، وإن أشارت إليه الحقائق مع وضوحه عند مشاهده، وتحقيقه عند متلقيه، وبالله التوفيق.
وقال فى القاعدة السادسة والعشرين: "حكم الفقه عام فى العموم؛ لأن مقصده إقامة رسم الدين ورفع مناره وإظهار كلمته، وحكم التصوف خاص فى الخصوص؛ لأنه معاملة بين العبد وربه من غير زائد على ذلك؛ فمن ثم صح إنكار الفقيه على الصوفي، ولا يصح إنكار الصوفي على الفقيه، ولزم الرجوع من التصوف إلى الفقه والاكتفاء به دونه، ولم يكف التصوف عن الفقه بل لا يصح دونه، ولا يجوز الرجوع منه إليه إلا به، وإن كان أعلى منه مرتبة؛ فهو أسلم وأعم منه مصلحة، ولذلك قيل: كن فقيهًا صوفيًا ولا تكن صوفيًا فقيهًا، وصوفي الفقهاء أكمل من فقيه الصوفية وأسلم؛ لأن صوفي الفقهاء قد تحقق بالتصوف حالا وعملاً وذوقًا، بخلاف فقيه الصوفية؛ فإنه المتمكن من عمله وحاله، ولا يتم له ذلك إلا بفقه صحيح وذوق صريح، ولا يصح أحدهما دون الآخر؛ كالطب الذى لا يكفى علمه عن التجربة ولا العكس؛ فافهم".
وقال فى القاعدة الحادية والستين: "إنما يؤخذ علم كل شىء من أربابه؛ فلا يعتمد صوفي فى الفقه إلا أن يعرف قيامه عليه، ولا فقيه على التصوف إلا أن يعرف تحقيقه له، ولا محدث فيهما إلا أن يعلم قيامه بهما، فلزم طلب الفقه من قبل الفقهاء لمريد التصوف، وإنما يرجع لأهل الطريقة فيما يختص بصلاح باطنه من ذلك ومن غيره، ولذلك كان الشيخ أبو محمد المرجاني رضى الله عنه يأمر أصحابه بالرجوع إلى الفقهاء فى مسائل الفقه، وإن كان عارفًا به فافهم".
نماذج من أقوال الشيوخ رضوان الله عليهم:
أ- قال الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره: "جميع الأولياء لا يستمدون إلا من كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يعملون إلا بظاهرها".
ب- وقال الجنيد بن محمد قدس سره: "الطرق كلها مسدودة إلا على من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم".
ج- وقال السري السقطي رضى الله عنه: "من ادعى باطن علم ينقضه ظاهر حكم؛ فهو غالط".
د- وقال أبو الحسين النورى: "من رأيته يدعى مع الله تعالى حالة تخرجه عن حد العلم الشرعي فلا تقربه، ومن رأيته يدعى مع الله حالة لا يشهد لها حفظ ظاهر فاتهمه على دينه".
ه- وقال أبو سعيد الخراز: "كل فيض باطن يخالفه ظاهر فهو باطل".
و- وفى التحفة لابن حجر: "قال الغزالي: من زعم أن له مع الله تعالى حالا أسقط عنه نحو الصلاة أو تحريم شرب الخمر وجب قتله".
قصة الخضر وموسى عليهما السلام ورأى الألوسي فيهما:
قصة الخضر وموسى -عليهما السلام- لا يؤخذ منهما الخلاف بين العلمين؛ لأنه يقال: إن ما فعله الخضر شريعة خاصة به، وإلى هذا أشار العلامة السبكي فى بعض أقواله، ولعل هذا هو المقصود بقول الله تعالى حكاية عن الخضر: }وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى [الكهف:82].
وعلى ذلك فليس ثَمَّ خلاف بينه وبين موسى -عليه السلام- لأن موسى يعمل بشريعته، والخضر يعمل بشريعته التى أوحيت إليه، وذلك واضح على القول بنبوة الخضر وهو الراجح، وعلى القول بولايته فلا دليل فيها على المخالفة أيضًا؛ لأن الخضر -عليه السلام- عمل عملا يوافق شريعة موسى؛ بحيث لو كان موسى علم الحكمة كما علمها الخضر لعمل ما عمله الخضر؛ فكأن الفرق بينهما فى العلم بالحكمة فقط، وقد يقال: إن ذلك يدل على أن الخضر -وهو ولى- علم ما لم يعلمه موسى وهو نبى.
ونقول على فرض صحة ذلك؛ فإنه لا يقدح فى منزلة موسى -عليه السلام- لأن الله أراد أن يريه بذلك أن العلم لا يقف عند حد؛ فكان الأولى أن يجيب السائل جوابًا غير الذي أجابه به حين سأله: "هل تعلم أحدًا أعلم منك..." الحديث، ونقول أيضًا: ليس معنى أن الخضر يعلم هذه المسائل أنه أعلم من موسى، بل لو قارنا بين علم موسى فى جملته وعلم الخضر فى جملته لكان علم موسى أوسع، وفوق كل ذى علم عليم.
وعلى كل حال فالدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، وفيما ذكرناه فى القصة الكفاية، وهو الذي يفهم من تقرير العلامة الآلوسى على القصة فى نهاية تفسيرها.
تلخيص أقوال الشيوخ رضوان الله عليهم فى ذلك وبيان ما تطمئن إليه النفس فيه:
قد رأيت أقوال أئمة التصوف -رضوان الله عليهم- فى هذا المبحث، والذي تطمئن إليه النفس، ويهدى إليه الدليل مع تظاهر أقوال المنصفين عليه ما يأتى:
أولا: أن علم الباطن ومعناه نور وقوة إدراك وفهم يغدقها الله -تبارك وتعالى- فى نفوس المتقين من عباده جزاء عملهم بما علموه من أحكام دينه، وامتثالهم لأمره ونهيه، وأن ثمرته انكشاف حقائق الشريعة لهم.
ثانيًا: أن هذا العلم بهذا المعنى ثابت، والدليل عليه ما ذكروه من الآيات والأحاديث، وقد يقال: إن بعضها ضعيف أو فى ثبوته شك، وما ثبتت صحته يحتمل التأويل، وذلك صحيح، ولكن كثرتها وتتابعها يجعلها يقوى بعضها بعضًا، على أن الأمر أيسر من أن يحتاج الإنسان إلى الاستدلال عليه؛ فها نحن نرى تفاوت الناس فى الفهم والذكاء، وترى تدرجهم فى استكشاف أسرار الكون وتعرف كنه الوجود، بل يشعر أحدنا من نفسه فى بعض الأحوال بصفاء الذهن وقوة الخاطر فيجيد القول ويجيد الكتابة وهكذا، ولا سيما فى الأوقات التى يكثر فيها من طاعة الله وذكره، وفى بعض الأوقات يرى عكس ذلك تمامًا؛ فليس فى الأمر إشكال أبدًا.
ثالثًا: أن هذا العلم وما ينكشف به من الحقائق لا ينافي حقائق الشريعة، ولا الظاهر منها أبدًا؛ بل يكون مؤكدًا لها ومبينًا لأسرارها، وقد رأيت تظاهر أقوال الشيوخ على ذلك، وهذا هو أهم ما فى الباب، ومن ذلك تعلم اتفاق كلمة الفقهاء والصوفية على أن أساس الدين وأصله واحد هو الكتاب والسنة، وأن الخلاف فى الفروع يجب أن يسلم كل إنسان فيه للآخر برأيه ما دام له دليله، وما دام هذا الرأي لا يناقض المعلوم من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
رابعًا: أن هذا العلم وما ينكشف به من الحقائق لا يؤخذ به كدليل فى التشريع؛ بل إن وافق الشرع فالدليل هو دليل الشرع، وإن خالفه رد على صاحبه وكان خاصًا به، وقد رأيت اتفاق الشيوخ على ذلك.
خامسًا: بعد هذا البيان يظهر لك مغالطة الباطنية فى استغلالهم كلمة علم الباطن فى قلب حقائق الشريعة وإخراج النصوص عن حقائقها؛ فلا تنخدع بأقوالهم بعد ما علمت أنه ليس ثَمَّ إلا الكتاب والسنة.
سادسًا: وإذ عرفت يا أخي أن لله مواهب وأسرارًا يفيضها على قلب المتقين من عباده؛ فعليك بمجاهدة نفسك، وطاعة ربك، والإقبال على ذكره، والعمل بما علمت من شريعته، حتى تتفجر ينابيع الحكمة من قلبك، ويرزقك الله علم ما لم تكن تعلم، والله ولى توفيقنا وتوفيقك إلى ما يحبه ويرضاه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(4).
غاية الصوفية رضوان الله عليهم
ووسائلهم فى الوصول إليها
أجمع شيوخ الصوفية -رضوان الله عليهم- على أن الغاية من الطريق هى "الوصول إلى الله تبارك وتعالى"، والفوز بقربه والسعادة بمعرفته، وأجمعوا كذلك على أن السبيل إلى ذلك أثر واحد هو الاعتصام بالكتاب والسنة ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وها أنت قد رأيت فيما قدمناه لك فى حد التصوف وما يتعلق به كلامهم رضوان الله عليهم ما يؤيد ذلك ويؤكده.
مراحل الطريق:
والناظر فى كتبهم وأقوالهم -رضوان الله عليهم- يراهم قسموا الطريق إلى أربع مراحل:
المرحلة الأولى: مرحلة العمل الظاهر من العكوف على العبادة، والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق فى الخلوة للعبادة، والاشتغال بالذكر والاستغفار إلخ، وهذا حظ العامة من المريدين، بل حظ الناس أجمعين.
والمرحلة الثانية: مرحلة العمل الباطن، من مجاهدة النفس وتطهيرها من الأخلاق الذميمة، وتحليتها بالأخلاق الفاضلة، ومحاسبتها على الصغير والكبير من أعمالها، ومراقبتها فى هذه الأعمال حتى لا يصدر عنها ما يكون حائلا دون الوصول إلى الغاية، وهو حظ المتوجهين من الصادقين، والمبتدئين من السالكين.
والمرحلة الثالثة: مرحلة الأحوال والمقامات والأذواق والمواجيد، وذلك أن رياضة النفوس ومجاهدتها والمداومة على العبادة وأدائها يرقق حجاب الحس، ويقوى سلطان الروح، ويقذف فى القلب نورًا ينكشف به للسالك ما لم يكن يعلم من جمال الكون وجلاله ودقائقه وأسراره وحقائقه ومظاهره، وتجد لذلك نشوة فى الفؤاد ولذة فى المشاعر، ولا تزال هذه المشاعر التى يسميها القوم واردات وأحوالا تَقْوَى فى النفس حتى تصير صفة لازمة لها فتكون مقامات، ثم تتوارد على القلب واردات أخرى هى أحوال جديدة، ثم تَقْوَى فتصير مقامات، وهكذا لا يزال السالك يترقى من حال إلى مقام، ثم إلى حال فوق هذا المقام، ثم مقام أرقى من المقام الأول حتى يصل إلى المرتبة الرابعة، وهذا حظ المستشرفين من السالكين، والمبتدئين من العارفين.
المرحلة الرابعة: مرحلة الوصول، وهي مرحلة زوال الحس، وتجرد النفس، ووصولها إلى مرتبة شهود الحق بالحق، وليست هناك عبارة تحد تلك المرحلة أو تحيط بوصفها، وكل ما يعرف السالكون عنها لمحات بوارق أنوار القرب منها فيحدوه ذلك إلى السير، فإذا قدر لهم الوصول فَثَمَّ تُمحَى العبارات، وتُغْنِى الإشارات، ويكون الأمر على حد قول القائل: "محب ومحبوب وساعة خلف"، وهذه حظ الواصلين العارفين.
الموقف من هذه المراحل:
فأما المرحلتان الأولى والثانية فقد فصل القرآن الكريم والسنة المطهرة حدودهما، وأبانا نهجهما وأرشدا إليهما، ولم يدعا فى ذلك زيادة لمستزيد، ولهذا كان كلام الشيوخ الأولين -رضوان الله عليهم- كالمحاسبي والجنيد وإبراهيم بن أدهم وذي النون المصري وبشر الحارث وداود الطائي وأضرابهم دائرًا حول هاتين لا يتجاوزهما إلى غيرهما، وإن وجد فى كلامهما غير ذلك فإنما هى رشحات تخرج عن دائرة القدرة البشرية، وهاتان المرحلتان هما أساس الطريق ولبه، وما عداهما ففرع لهما لا يمكن الوصول إليه إلا بهما كما فصلنا ذلك من قبل.
وأما المرحلة الثالثة فلا تُحَدُّ بأوصاف ولا تنضبط بعبارة؛ لأن الأذواق والمواجيد لا حد لها، وهى عند كل شخص بما يناسبه؛ فهى شخصية لا عامة، ومبهمة لا واضحة، ومطلقة غير محدودة، فأنى تحدها العبارات أو تحصرها اللغات، وقد استفاضت فى كتب بعض الشيوخ ولا سيما المتأخرين منهم؛ فكانت مثار الإنكار عليهم بما أنها خاصة بهم لا يدركها غيرهم، وقد لا ينطبق التعبير عنها على ما ألف الناس من أحكام الشريعة وعرفوا من حدودها، ومن هنا نشأ الخلاف بين الفقهاء والصوفية، ولو اقتصر الصوفية على المرحلتين الأوليين، وتركوا هذه الأذواق والمواجيد ينعم كل إنسان بما يكشف الله له منها لما كان ثَمَّ هذا الخلاف، ولعلهم معذورون فى ذلك بحسن المقصد؛ فإنهم ما دَوَّنوها إلا ليشوِّقوا المريدين، ويهوِّنوا عليهم مشاق الطريق، وقد وضعوا لها من المصطلحات ما لو درسه المنكرون عليهم لما رأوا فى أقوالهم ما يوجب الإنكار، لا سيما وقد اتحد الفريقان فى أصل الطريق وغايته.
وخلاصة القول إن هذه المرحلة مرحلة خاصة، ما وافق الشريعة من كلام القوم فيها أخذ كما هو، وما لم يمكن اتفاقه معها، ولو على وجه من وجوه التأويل المتقبلة تُرك ورُدّ على صاحبه، وكان أمره فيه إلى الله.
وأما المرحلة الرابعة: فهى مزلة الأقدام ومهواة المهالك، وكم ضل فيها مريد وسالك، والكلام فيها عن غيبة أمر لا يدخل تحت حد التكليف، والتحدث بها عن حضور أمر لا يتحمله هذا العقل البشرى الضعيف، ولهذا أغلق القوم فيها باب الكلام؛ لأنها فوق الأفهام والأوهام، وكان منهم من أبى ذلك بتاتًا، وقال لمن سألوه أن يتكلم لهم فى شىء من هذا: أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله، وقد طلب أصحاب أبى عبد الله القرشي إليه أن يتكلم لهم فى شىء من الحقائق، فقال لهم: كم أصحابي اليوم؟ قالوا: ستمائة رجل، فقال الشيخ: اختاروا لكم منهم مائة، فاختاروا فقال: اختاروا من المائة عشرين، فاختاروا، قال: اختاروا من العشرين أربعة؛ فاختاروا، فقال الشيخ: لو تكلمت عليكم فى علم الحقائق والأسرار لكان أول من يفتى بكفري هؤلاء الأربعة، وما ذلك إلا لأنه يدق عليهم فهم ما يشرحه لهم مما لا تتناوله العبارات، وإنما هو من خوالج النفوس ومشاهداتها الخاصة.
إفساد المتأخرين
إذا تقرر هذا فاعلم يا أخي أن الشيوخ من أهل هذه الطريق تكلموا فى هذه المراحل الأربع، إلا أن المتقدمين منهم كان دعامة كلامهم المأثور ونصوص الكتاب والسنة لا غير، لا يتجاوزونهما إلى غيرهما إلا نادرًا، ثم جاء بعدهم قوم آخرون خلطوا الكتاب والسنة بغيرهما من قواعد العلوم فى المراحل الثلاث، بما أن هذا الخلط لا يتأتى فى المرحلة الأولى، فخلطوا الكتاب والسنة فى المرحلة الثانية بأقوال أرسطوطاليس وأضرابه فى تقسيم النفس وبيان أحوالهم وعوارضها من شهوانية وغضبية وعقلية كما ترى ذلك منبثًا فى كتب الإمام الغزالي رضى الله عنه فى أكثر الأحايين، وخلطوا الكتاب والسنة فى المرحلة الثالثة بأقوال أفلاطون وأضرابه من الإشراقيين فى تجرد النفس، والحاسة السادسة، وإشراق العلوم والمعارف على النفس بالرياضة، ومعظم كتب القوم -ولا سيما المتأخرين منهم- مستفيضة بهذه البحوث يمزج فيها الكتاب والسنة بنظريات الفلاسفة.
وخلطوا الكتاب والسنة فى المرحلة الرابعة بأقوال الفلاسفة فى وحدة الوجود، ووحدة الشهود، والحلول والاتحاد، وبيان الحق من ذلك والباطل، كما ترى ذلك منبثًا فى كتب ابن دهقان وابن سبعين وابن عربى وغيرهم، وهذا مثار الخطر العظيم على العقائد الإسلامية والقواعد الإيمانية؛ فإن الكتابة فى مثل هذه البحوث شوشت الطريق على السالكين، وأثارت ثائرة المتمسكين، وكانت مطية الملحدين والإباحيين، على أن الباحث لن يصل فيها إلى غاية، ولا تطمئن نفسه معها إلى حقيقة إلا عن طريق الكشف والشهود؛ فما قيمة الكتابة فى أمر لا يفيد فيه إلا العيان؟.
خاتمة
وختام هذا البحث أيها الحبيب أن تعلم أن الواجب عليك والمخلص لك والسلامة كل السلامة إن كنت مريدًا لبلوغ منازل الرجال أن تشتغل بالمرحلتين الأوليين، وتريح نفسك من عناء الأخيرتين فإنهما سيأتيانك عفوًا، ولا فائدة فى القراءة عنهما أصلا؛ فإن مددك قَلَّ أن يتفق مع مدد سواك؛ فما فائدة اشتغالك بغيرك؟
المرحلتان الأوليان واجب عليك، والمرحلتان الأخيرتان هدية من ربك لك، فاشتغل بما وجب يصلك ما وهب.
وسأنقل لك فى الفصل القادم -إن شاء الله تعالى- نماذج من كلام شيوخ هذا الفن؛ لتعلم أين يجب أن تتوجه، والله أسأل لى ولك العصمة من الزلل(5).
بعض أقوال الشيوخ رضوان الله عليهم
"فى مراحل الطريق وغايته"
قدمت لك يا أخي فى العدد الرابع والعاشر أن الشيوخ -رضوان الله عليهم- قسموا الطريق إلى أربع مراحل، أولاها: مرحلة العمل الظاهر من العكوف على العبادة والانقطاع إليها والإعراض عن الدنيا وزخرفها، وثانيتها: مرحلة العمل الباطن من مجاهدة النفس وتطهيرها من الأخلاق الذميمة وتحليتها بالأخلاق الفاضلة، وثالثتها: مرحلة الأحوال والأذواق والمواجيد، والرابعة: مرحلة الوصول، وهى مرحلة زوال الحس وتجرد النفس، إلى آخر ما قدمنا لك، ووعدتك أن أوافيك بنماذج من أقوال الشيوخ -رضوان الله عليهم- فى ذلك؛ فإليك بعض هذه النماذج لتتعرف منها أين الطريق الحقيقي، وماذا يقصد الأشياخ - رضوان الله عليهم - بعلمهم وعملهم، ولتعلم الفرق بين ما يقصدون وبين ما عليه الآن أهل الطريق فى هذا الزمان..
1- قال أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم: "اعلم أنك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات: أولاها: تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدة، والثانية: تغلق باب العز وتفتح باب الذل، والثالثة: تغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد، والرابعة: تغلق باب النوم وتفتح باب السهر، والخامسة: تغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر، والسادسة: تغلق باب الأمل وتفتح باب الاستعداد للموت".
وفى ذلك إشارة إلى المرحلة الثانية؛ مرحلة مجاهدة النفس ورياضتها حتى تصل إلى مرتبة الكمال الروحي، وكان عامة دعائه: "اللهم انقلنى من ذل معصيتك إلى عز طاعتك".
2- كان أبو الفيض ذو النون المصري يقول: من علامات المحب لله -عز وجل- متابعة حبيب الله صلى الله عليه وسلم فى أخلاقه وأعماله وأوامره وسننه، ومن كلامه أيضًا: مدار الكلام على أربع: حب الجليل، وبغض القليل، واتباع التنزيل، وخوف التحويل.
3- وقال أبو محفوظ معروف بن فيروز الكرخى: "قال لى بعض أصحاب داود الطائي: إياك أن تترك العمل؛ فإن ذلك الذي يقربك إلى رضا مولاك، فقلت: وما ذلك العمل؟ فقال: دوام طاعة ربك وخدمة المسلمين والنصيحة لهم.
4- وعن أبى الحسن سرى بن المغلس السقطي قال: "التصوف اسم لثلاث معان، وهو الذي لا يطفئ نور معرفته نور ورعه، ولا يتكلم بباطن علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب أو السنة، ولا تحمله الكرامات على هتك أسرار محارم الله، ويحكى عنه أنه قال: منذ ثلاثين سنة وأنا فى الاستغفار من قولي: الحمد لله مرة! وقيل: وكيف ذلك؟! فقال: وقع ببغداد حريق فاستقبلني رجل، فقال لى: نجا حانوتك، فقلت: الحمد لله؛ فمنذ ثلاثين سنة وأنا نادم على ما قلت؛ حيث أردت لنفسي خيرًا مما حصل للمسلمين".
5- وقال أبو نصر بشر بن الحارث الحافي: "رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام فقال لى: يا بشر تدري لِمَ رفعك الله بين أقرانك؟ قلت: لا يا رسول الله، قال: باتباعك لسنتي وخدمتك للصالحين، ونصيحتك لإخوانك ومحبتك لأصحابي وأهل بيتي، ذلك الذي بلَّغك منازل الأبرار".
نماذج من أقوال الشيوخ رضوان الله عليهم فى مراحل الطريق:
6- حكى حاتم الأصم: قال: "كنا مع شقيق فى مصاف نحارب الترك فى يوم لا ترى فيه إلا رءوس تندر ورماح تنقصف، وسيوف تتقطع، فقال لى شقيق: كيف ترى نفسك يا حاتم فى هذا اليوم؟ تراه مثل ما كنت فى الليلة التى زفت إليك فيها امرأتك؟ فقلت: لا والله، فقال: لكنى والله أرى نفسى فى هذا اليوم مثل ما كنت فى تلك الليلة، ثم نام بين الصفين ودرقته تحت رأسه حتى سمعت غطيطه"، من هذه الحكاية يا أخي ترى أن القوم -رضوان الله عليهم- كانوا لا يتركون عملا من أعمال الإسلام حتى يساهموا بأكبر نصيب، حتى الجهاد فى سبيل الله، ومجالدة أعدائه بالسيف والرمح، ولم يقعدهم عن ذلك قيام الليل وصيام النهار، هاأنت ترى أن شقيقًا الجندي يهش ويبش للموت والكفاح كما كان يبش لزوجته ليلة الزفاف، وينام ودرقته تحت رأسه كأروع ما سمعت من أنباء تقشف الجنود واحتمالهم للمشاق، ويسمع غطيطه بين الصفين، وهى شجاعة ليس بعدها شجاعة، مصدرها الإيمان الكامل والتصديق بقول الله تعالى: }قُل لَّن يُّصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا [التوبة: 51]؛ فأين هذه الهمة السامية مما ألصقه الأدعياء بالتصوف والصوفية، وكان شقيق يقول: تعرف تقوى الرجل ثلاثة أشياء: فى أخذه ومنعه وكلامه.
7- قال أبو يزيد البسطامي لبعض أصحابه: قم بنا حتى ننظر إلى هذا الرجل الذي شهر نفسه بالولاية، وكان رجلاً مقصودًا مشهورًا بالزهد، فمضينا إليه فلما خرج من بيته ودخل المسجد رمى ببصاقه تجاه القبلة، فانصرف أبو يزيد ولم يسلم عليه، وقال: هذا غير مأمون على أدب من أى آداب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكيف يكون مأمونًا على ما يدعيه؟، وكان يقول: لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى يرتقي فى الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهى، وحفظ الحدود، وأداء الشريعة.
8- كان أبو سليمان الدارانى يقول: "ربما يقع فى القلب النكتة من نكت القوم أيامًا؛ فلا يقبل منه إلا بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة"، وكان يقول: "أفضل الأعمال خلاف هوى النفس"، وكان يقول: "إذا سكنت الدنيا القلب ترحلت منه الآخرة، وكل ما شغلك عن الله تعالى من أهل أو مال أو ولد فهو عليك مشئوم".
9- قيل لحاتم الأصم: "ألا تشتهى؟"، فقال: "أشتهى عافية يوم إلى الليل"، فقيل له: "أليست الأيام كلها عافية؟"، فقال: "إن عافية يومى ألا أعصى الله فيه".
10- وكان أبو الحسين أحمد بن أبى الحواري يقول: "من عمل عملا بلا اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فباطل عمله"، وكان يقول: "أفضل البكاء بكاء العبد على ما فاته من أوقاته على غير موافقة"(6).
المصادر
- مجلة الإخوان المسلمين - السنة الأولى - العدد 2 - صـ11 : 13 - 28صفر 1352هـ / 22يونيو 1933م.
- مجلة الإخوان المسلمين – السنة الأولى – العدد 5 – صـ10 : 12 – 20ربيع الأول 1352هـ / 13يوليو 1933م.
- مجلة الإخوان المسلمين – السنة الأولى – العدد 6 – صـ9 : 10 – 27ربيع الأول 1352هـ / 20يوليو 1933م.
- مجلة الإخوان المسلمين - السنة الأولى - العدد 9 - صـ9 : 15- 18ربيع الآخر 1352هـ / 10أغسطس 1933م.
- مجلة الإخوان المسلمين – السنة الأولى – العدد 14 – صـ7 : 10 – 24جمادى الأولى 1352هـ / 14سبتمبر 1933م.
- مجلة الإخوان المسلمين – السنة الأولى – العدد 22 – صـ6-7 – 26شعبان 1352هـ / 14ديسمبر 1933م.